الجمعة 19 رمضان 1445 هـ || الموافق 29 مارس 2024 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 5833

حكم مضغ القات؟ وماذا يفعل من أراد المضمضة للوضوء؟

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني


س147: بارك الله فيك وفي من يقومون على هذه المجموعة القيمة لدي سؤال وهو عندما أتناول القات وأبلثه للذهاب للوضوء أجد أن ثلاث مرات من المضمضة لا تكفي لإخراج بقايا القات من الفم هل تشرع الزياد هنا ام لا وجزاكم الله خيرا ؟


ج147: أولاً في مثل هذه الحالة لا تبدأ بالوضوء بل نظف فمك من آثار القات بالماء قبل أن تشرع في الوضوء، فإذا ذهبت بقايا القات من فمك فابدأ بالوضوء ومنه المضمضة.

ثانياً نسأل الله سبحانه أن يعافيك من هذه الشجرة الخبيثة المضرة، وقد سبق أن قلت في فتوى سابقة: إن القات شجرة خبيثة لا تليق بمسلم أن يمضغها، وذلك لعدة أسباب:

السبب الأول: أنها احتوت على مجموعة من الأضرار التي من أشهرها: الأضرار الصحية التي ذكرها الأطباء كاحتوائه على مواد مسرطنة ومواد أخرى تسبب الإمساك الحاد وتليف الكبد وارتفاع الضغط وزيادة ضربات القلب ونوبات الصداع وضعف الذاكرة والتوتر والهلوسة، وأحيانا بسبب الإدمان عليه يحل النزيف في الدماغ، وأيضا الذين يتعاطون القات يكثر عندهم السهر وقلة النوم والأرق وعند بعضهم التهاب المرئ وزيادة الحموضة وقرحة المعدة، وفقدان الشهية والأسنان تتحول إلى صفراء، وبعضهم يكثر عنده المذي وسلسل البول ويقل عنده المني ونحوها من الأضرار الصحية الأخرى وإذا كان كذلك فيلزم الابتعاد عنه لأجل وجود هذه الأضرار عملاً بقول الله تعالى : (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وفي الحديث الحسن لغيره من حديث ابن عباس وعبادة بن الصامت مرفوعًا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا ضرر ولا ضرار)،

أعجبني شعر في القات ذكره شيخ مشايخنا، الشيخ محمد بن سالم البيحاني في كتاب: إصلاح المجتمع يقول فيه:

هو للإرادة والـفتوة قاتــلٌ      هو مــاحقٌ للأوجهِ النَّضِــراتِ

ولذا نجد تلميذه وهو شيخنا وأستاذنا محمد بن سعيد الشيباني رحمه الله يرى تحريمه، وقد ألف رسالة في تحريم مضغ القات.

السبب الثاني: أن القات سبب لإهدار المال بغير وجه شرعي فيسرف فيه لأجل شراء القات ولو على حساب التقصير على أسرته، وهذا حرام لقول الله عز وجل (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، وأخرج مسلم في صحيحه ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (كفى بالمرء إثمًا أن يَحبِسَ، عمن يملكُ، قُوتَه)، وفي رواية أخرى ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت") ثم هذا الإسراف فيه نوع من التبذير كما قال الله تعالى : "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".

فالذي يشتري هذا القات يعتبر مبذرا، هذا التبذير الذي يحصل منه، إنما يحصل بسبب كثرة هذه النفقة، نفقة من غير فائدة وهذا المال هو الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله "وإضاعة المال"، لما حذر الصحابة رضوان الله عليهم من الأشياء التي هلك من هلك من الأمم السابقة بسببها فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم"، ثم ذكر إضاعة المال في حديث أبي هريرة فقال : "وأنهاكم عن قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال ".

السبب الثالث: أن القات مفتر ومخدر للجسم باتفاق الاطباء، وقد أثبت علماء اليمن هذه العلة في كتبهم موافقة للأطباء ورأوا تحريمه ومنهم: الإمام يحيى شرف الدين وهو ابن شمس الدين في رسالته "الرسالة المانعة من استعمال المحرمات الجامعة في علّة التحريم بين الحشيشة والقات وغيرها من سائر المسكرات " ومنهم القاضي العلامة علي بن يحيى الإرياني الذي رأى حرمته.

ولذا نقول: يعاب على بعض أصحاب اللحى مضغ القات، ويؤسف ثم يؤسف ثم يؤسف أن ممن يمضغه اليوم رجال نسبوا أنفسهم للمشيخة أو لطلبة العلم :

فأين الثريا وأين الثرى      وأين الصدوق من المفتري.

فالقات يا إخوان مضر، وقد انتشر في الصومال واليمن وأثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وجيبوتي ويوجد في بعض مناطق أفغانستان وتركستان، وسافرت بعض الدول الأجنبية فوجدت أنهم يستوردونه من أثيوبيا أسبوعيا، ويبيعونه بأغلى الأثمان.

للأسف دخل القات بلاد اليمن قديما على المشهور من بلاد الحبشة، وقد قرأنا للشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد القادر كتاباً (فتوح الحبشة) ذكر أن القات دخل اليمن قبل أربعمائة سنة، ولعل من الحكومات التي تتساهل فيه لعلها أن تصاب بخيبة أمل وهذا هو الواقع اليوم، فلا تتساهل فيه حكومة إلا وقت ابتليت بشعبها وبفقر ومذلة وهوان، ونأمل من الحكومات التي يزرع فيها أن تمنعه وأن تتقي الله، وأن تجعل عقوبة على من يتعاطى أو يزرع هذا القات، فإنه ضرر على هذه الأمة نسأل الله العفو والعافية، وبالله التوفيق.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام