الثلاثاء 5 ربيع الآخر 1446 هـ || الموافق 8 أكتوبر 2024 م


قائمة الأقسام   ||    دورة تدريس علوم الحديث    ||    عدد المشاهدات: 10201

دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (1 )

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

 

المبادئ الأساسية لعلم مصطلح الحديث

وهي المقاصد المهمة التي تُبنى عليها بعض الحقائق، وقد نظمها الصبَّان بقوله:


إِنَّ مَبَادِئَ كُلِّ فَنٍ عَشَـــرَه    الحدُّ والموضوعُ ثم الثَّمـــره
ونسبةٌ وفضلهُ والواضـــعْ   والاسمُ واسْتمدادُ حكمُ الشــارعْ

مسائلٌ والبعضُ بالبعض اكتفى ومَن درى الجميعَ حاز الشرفــا
وأقول :
حد " مصطلح الحديث" : العلم الذي يبحث في حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد.
ولذا فهو مقدمة لعلم الحديث الذي ينقسم إلى نوعين :
الأول علم الحديث رواية : وهو علم يختص بنقل الخبر وضبطه وتحرير ألفاظه وتدوينه.
وواضع هذا النوع على المشهور: الحافظ أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، المتوفى عام 124هـ ، حيث جمع سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ودونها بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، لكن كتابه الذي جمعه مفقود ، ثم تلاه أئمة الإسلام كالإمام مالك وعبد الرزاق الصنعاني وابن جريج وغيرهم كثير.
النوع الثاني علم الحديث دراية : وهو علم يبحث في حقيقة نقل الرواية وشرطها ونوعها وحكمها وحال ناقلها وشرطه وأنواع مروياته وفقهها.
وواضع هذا النوع: القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الفارسي الرامهرمزي المتوفى عام 360هجرية ، وقد ألف فيه كتابه الموسوم بـ: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي.
ولتوضيح النوعين السابقين يمكن وضع هذا المثال:
قال الإمام البخاري في صحيحه: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
فسند الحديث يبدأ بالحميدي وينتهي بعمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومتن الحديث يبدأ بقوله "إنما" وينتهي بقوله " هاجر إليه".
فعلم الحديث دراية: يبحث في هذا الخبر وأمثاله من حيث نقله بحدثنا وأخبرني وعن وقال وسمعت ونحوها، وشروط من ينقل أو يروي مثل هذه الرواية من حيث أنه سمعه أو أخذه بالعرض أو الإيجازة، ونوع هذه الرواية من حيث الاتصال أو الانقطاع.
وحكم هذا الخبر هل هو حديث صحيح أو ضعيف.
وحال رجال السند هل هم ثقات أم لا.
كما يناقش شروط التحمل والآداء للرواية وأنواع المرويات من مرفوع وموقوف ومقطوع مع شرح الحديث وفقهه، هذا كله يختص بعلم الحديث دراية.
أما علم الحديث رواية: فيختص بنقل مثل هذا الخبر كما فعل البخاري ، فإنه نقل هذا الحديث عن شيخه الحميدي وضبط لفظه وأودعه كتابه وهذا هو علم الحديث رواية ، فهو يختلف تماماً عن علم الحديث دراية.
موضوع علم الحديث رواية: جمع ما جاء عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- من الأحاديث مع ضبط ألفاظها ورواياتها.
وأما موضوع علم الحديث دراية فـ: دراسة حال الراوي والمروي.
ثمرة علم المصطلح: تمييز الأخبار الواردة من حيث الصحة والضعف.
نسبته: ينسب هذا الفن إلى علوم الشريعة الاصطلاحية.
فضله: يتمخض فضله في الحفاظ على أحاديث رسول الله –عليه الصلاة والسلام- ، التي بمعرفتها على أسس صحيحة نتوصل إلى فهم الشريعة وشؤونها المختلفة، وكما يقال : شرف العلم بشرف المعلوم.
استمداده: من أحوال السند والمتن درايةً، ومن أقوال وأفعال وتقارير وصفات رسول الله -عليه الصلاة والسلام- روايةً.
حكمه: فرض كفاية ، إن قام به البعض سقط الإثم عن البعض الآخر ، ويتعين عند الانفراد حتى يتميز الصحيح من الضعيف.
مسائل : قواعده المختلفة وقضاياه الحديثية.
وللكلام بقية أستأنفه في حلقة قادمة بإذن الله، وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام