حكم شراء بيت عبر بنك ربوي في أوربا
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س 685: أنا في حيرة، وأرجو أن أجد عندكم الحل وجزاكم لله خيرًا: أنا مقيم في أوروبا، وقد اشتريت بيتاً من بنك ربوي، ودفعت الأقساط لمدة ثلاث سنوات، ثم انقطعْتُ عن السداد بسبب انقطاعي عن العمل، فأخرجوني وأخذوا البيت ليبيعوه، مع العلم أن البيت ملك للبنك، وكذلك الأقساط التي دفعتها.
فضيلة الشيخ: أريد أن أعرف هل عندما يبيعون البيت بأقل من سعره ولا يغطي قيمة القرض بسبب الأزمة الاقتصادية -مع العلم أنه انخفض سعر البيوت بصفة كبيرة، ومع العلم أن البنك هو الذي يتحكم في البيع والسعر ولا يتفاوضون مع أحد- هل علي دين أو لا، والحمد لله -تعالى- فإني قد تبت، كما أني أريد حج بيت الله الحرام إن شاء لله، وجزاكم لله خيرًا، وماذا أفعل؟
ج 685: من المعلوم أن عامة البنوك في أوربا يبيعون البيوت قبل أن يمتلكوها، حتى يضمنوا المشتري لها بالتقسيط، ولا شك أن هذا بيع باطل وحرام؛ لأن من شروط البيع الملكية، لما أخرجه الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه"([1])، وفي رواية أخرى: "فلا يبعه حتى يستوفيه([2])"([3]).
فهم باعوا لك بيتاً ليس ملكاً لهم، ومعنى ذلك أن شراءك للبيت باطل، وأنك قد ارتكبت حراماً يلزمك الاستغفار منه، وما دام أن البنك استرجع البيت لعدم سدادك، وأخَذه ليبيعه لغيرك في المزاد، وأنت قد تبت فلا شيء عليك؛ لأن التوبة الصادقة تجبُّ ما قبلها، للحديث الحسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "التائبُ من الذنبِ كمَنْ لا ذَنْبَ له" أخرجه ابن ماجه([4]).
كما أنه ليس عليك دين للبنك؛ لأن البنك قد أخذ المنزل وزاد على أخْذِه أنه لم يسترجع لك ما دفعت له من الأقساط، ولذلك فلا يلزمك للبنك شيء شرعاً، وعليك ألا تعود لمثل هذا الفعل، فالدنيا قليلة زائلة، والآخرة خير وأبقى، سائلاً المولى أن يوفقك لأداء فريضة الحج، إنه جواد كريم، وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب البيوع - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك (2/751 رقم 2029)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (3/1160 رقم 1526)].
[2] يقبضه.
[3] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب البيوع - باب الكيل على البائع والمعطي (2 / 748 رقم 2019)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب البيوع - باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (3 / 1160 رقم 1526)] من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
[4] أخرجه ابن ماجه في السنن [كتاب الزهد - باب ذكر التوبة، (5/ 639رقم4250)] من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.