الاعتبارات
(ضمن دورة تدريس علوم الحديث)
الحلقة (16)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
ينقسم الحديث في الجملة من حيث القبول والرد إلى صحيح أو ضعيف.
فالأول: المقبول.
والثاني: المردود.
والحسن من قسم المقبول غير أنه أقل صحة من الحديث الصحيح ، وكلاهما حجة اتفاقاً.
وقد عمد المحدثون إلى وضع قاعدة الاعتبارات لبيان أن الحديث الحسن يرتقي بمثله إلى درجة الصحيح ويسمى الصحيح لغيره كما تقدم، والضعيف الخفيف الضعف يرتقي بمثله إلى درجة الحسن ويسمى الحسن لغيره كما تقدم، ومن هنا جاءت أهمية الاعتبارات.
ومعنى الاعتبار: ما يتوصل به إلى معرفة درجة الحديث بعد النظر في ما يقويه، وينقسم إلى قسمين:
الأول: المتابع وهو موافقة الراوي غيره في حديث بعينه.
وهو نوعان:
1ـ متابعة تامة: وهي موافقة الراوي غيره في شيخٍ لهما.
2ـ متابعة ناقصة: وهي موافقة الراوي غيره في شيخ الشيخ وما فوق.
مثال المتابعة التامة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله تعالى: "إنا فتحنا لك فتحاً مُبيناً" – قال [رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في تفسير هذه الآية، الفتح ]: الحديبية .
قال أصحابه: هنيئاً مريئاً، فما لَنا؟
فأنزل الله: "ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تَجري من تَحتها الأنهار". أخرجه البخاري في صحيحه من طريق شعبة عن قتادة عن أنس به.
ولشعبة متابعة تامة في شيخه قتادة حيث تابعه الحكم بن عبد الملك القرشي عن قتادة عن أنس به.
أخرجه الحاكم في المستدرك.
ومثال المتابعة الناقصة: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". أخرجه البخاري في صحيحه من طريق عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر به.
ولعبد الله بن دينار متابعة ناقصة في شيخ شيخه "عبد الله بن عمر" حيث تابعه عاصمُ بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به.
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه.
الثاني الشاهد: وهو ورود الحديث بلفظه أو معناه عن صحابي آخر.
مثال الشاهد: حديث: الطُّهورُ شطْرُ الإيمان.
أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري الحارث بن الحارث -رضي الله عنه-، وذكر الحديث.
وللحديث شاهدان:
الأول: عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- . أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني.
الثاني: عن صحابي من بني سليم. أخرجه الترمذي في السنن.
فحديث أبي عامر الأشعري وصحابي من بني سليم يشهدان لحديث أبي مالك الأشعري، وهذا هو المقصود من الشاهد.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.