قول الخوارج: إن حكام المسلمين في العصر الحديث تحالفوا مع الصليبيين ضد أهل الاسلام.
(ضمن دراسات شرعية موجزة حول شبهات الدواعش وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وغيرهم من أهل التكفير)
الحلقة (13)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
للجواب على هذه الشبهة أقول، وبالله التوفيق : إذا كانت هناك ضرورة أو مصلحة كبرى لأهل الاسلام ودولهم في الحلف مع الأعداء فلا مانع شرعاً من التحالف بشرط أن يخلو من الولاء لأعداء الله المتضمن حرب الإسلام وأهله لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.
فإذا سلم هذا التحالف والتصالح من موالاة الكافرين على المسلمين جاز كما هو المشهور عند العلماء، وقد حالف النبي عليه الصلاة والسلام خزاعة واليهود، وأشار عليه الصلاة والسلام إلى مثل هذه التحالفات في أكثر من حديث، ومما يؤكد ذلك ما أخرجه الإمام أبوداود في سننه والحديث صحيح عن ذِي مِخْبَرٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ ، فَتُنْصَرُونَ، وَتَغْنَمُونَ ، وَتَسْلَمُونَ ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ ، وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ ، فَيَقْتَتِلُونَ، فَيُكْرِمُ اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ بِالشَّهَادَةِ”.
وهذا دليل استدل به العلماء على جواز التحالفات مع الكفار، ومعنى ذلك أنه لا مانع من التحالف والمصالحة مع أمريكا أو أوربا أو غيرهم من غير المسلمين بالضابط المذكور فيما دعت له المصلحة الشرعية.
قال ابن باز: “والواجب على كل من تولى أمر المسلمين ، سواء كان ملكاً أو أميراً أو رئيس جمهورية أن ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم من الأمور التي لا يمنع منها شرع الله المطهر ، ويمنع ما سوى ذلك مع أي دولة من دول الكفر؛ عملا بقول الله عز وجل: ”إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا”، وقوله سبحانه : “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا “.
وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مصالحته لأهل مكة ولليهود في المدينة وفي خيبر … وهذا كله عند العجز عن قتال المشركين ، والعجز عن إلزامهم بالجزية إذا كانوا من أهل الكتاب أو المجوس ، أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم بالدخول في الإسلام أو القتل أو دفع الجزية – إن كانوا من أهلها – فلا تجوز المصالحة معهم، وترك القتال وترك الجزية ، وإنما تجوز المصالحة عند الحاجة أو الضرورة مع العجز عن قتالهم أو إلزامهم بالجزية إن كانوا من أهلها لما تقدم من قوله سبحانه وتعالى: “قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ “، وقوله عز وجل: ”وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ “ إلى غير ذلك من الآيات المعلومة في ذلك ، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة يوم الحديبية ويوم الفتح ، ومع اليهود حين قدم المدينة يدل على ما ذكرنا([1]).اهـ
لكن قد يقول قائل كيف نصالحهم ونحالفهم وتكون القيادة لهم، فاليوم هم من يقود بعض المعارك وليس المسلمون؟
فالجواب: أن القوة هي التي تفرض الهيمنة، وبما أن المسلمين ضعفاء ولا قدرة لهم في القيادة، وهم محتاجون لمثل هذه التحالفات فلا حرج، طالما سيتم بهذا التحالف دفع شر عظيم عجز المسلمون عن دفعه، كما حصل في غزو الكويت، وما هو اليوم حاصل ضد الدواعش الذين قتلوا وذبحوا إخوانهم المسلمين بالسكاكين كما تذبح الشياه، وسبوا الذراري، وباعوا الحرائر من بنات المسلمين على اعتبار أنهن سبايا، وحرقوا بالنار بعض الأسرى المسلمين، واستخدموا الغرق ونحوه من القتل الوحشي الذي حرمه الشرع المطهر، وأتوا بما يعجز اللسان عن ذكره.
فمثل هذه الاستعانات والتحالفات مع الأعداء ضد هؤلاء المسلمين الدواعش الجائرين أمر لا بد منه، ولا يدخل في مثل قوله تعالى: ” وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا”.
وقد تأكد لنا أن طيران التحالف الأجنبي والعربي الذي قام ضد داعش تسبب في قتل بعض الأسر بأطفالها وشيوخها ورجالها وشبابها ممن لا صلة لهم بداعش، حتى هدمت صواريخ الطيران منازل بعض سكان الموصل وغيرها من المناطق بمن فيها، وتشرد عشرات الآلاف من العزل ممن لا حول لهم ولا قوة، وفقدوا منازلهم، كما ضرب الطيران بعض المساجد والمدارس، ولا ندري هل هذا متعمد من دول التحالف الأجنبي أو بسبب إحداثيات بالخطأ.
ولذا وجب على ولاة أمر المسلمين أن يحققوا في مثل هذه الجرائم – فإنهم مسؤولون أمام الله عن كل قطره دم سفكت بغير حق -، وعلى ولاة أمر المسلمين أن يعوضوا المتضررين، وأن يكون لهم موقف جاد في انصاف المظلومين في الدنيا قبل يوم الأشهاد ” يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ”.
وأما ما يتعلق بما أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها ” أن رجلاً من المشركين كان معروفاً بالجرأة والنجدة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى بدر في حرة الوبرة فقال جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” تؤمن بالله ورسوله ” قال لا، قال ” ارجع فلن أستعين بمشرك”.
فهذا كان زمن قوة النبي عليه الصلاة والسلام وظهوره وبعد تأسيسه الدولة الاسلامية بالمدينة وتنظيمه للجيوش الإسلامية، فاستغنى عن وجود فرد واحد لا حاجة له به، بل قد صج أن النبي عليه الصلاة والسلام استعان بالكفار وتحالف معهم في أكثر من موطن حتى في زمن قوته وظهور دولته ليدل ذلك على الجواز وقت الحاجة كما سيأتي.
والمسألة خلافية بين أهل العلم فإن الذين اعترضوا لم يأتوا ببديل يدفع الشر إذا ظهر في بلاد المسلمين، وأكبر مثال على ذلك: تخبط من يقول بعدم الاستعانة يوم غزو الكويت حتى عظمت المفاسد ورفض صدام رحمه الله حينها أن يتراجع عن الغزو رغم أنه تم اعطاؤه مهلات عديدة، ولم يكن الحل الذي لا بد منه يومها سوى الاستعانة بالجيوش الأجنبية والعربية لدرجة أن صدام رحمه الله قبل تدخل الجيوش الأجنبية أعلن أنه سيدخل السعودية وكان على الحدود، بل اجتازها حتى دخل منطقة الخفجي، وكان يرمي بصواريخه على الرياض وبعض مدن المملكة مما سببت أضراراً بالغة، وأعلن أنه سينشر الكيماوي في بحر الخليج للقضاء على شعب دول مجلس التعاون ونحوها من الفجائع التي عاصرناها ذلكم الزمن، فللضرورة أحكامها.
واليوم الدواعش تم اعطاؤهم مهلات كثيرة لكي يكفوا ويتركوا منهجهم الضال، لكنهم رفضوا حتى أضروا المسلمين وشوهوا سمعة الاسلام وصوروه للعالم أجمع أنه دين عنف وقسوة وإرهاب وتخويف رغم أنه دين رحمة وعطف وشفقة بكل كافر مسالم.
ولا شك أن الفقهاء قديماً ناقشوا مسألة الاستعانة بالمشركين لقتال المشركين، ولم يتطرق فقههم لمسألة الباب بعينها سوى المتأخرين، واختلفوا قديماً على قولين بين مجيز بشرطين هما : أن يكون بالمسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك، والثاني: أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين.
وبين غير مجيز متمسك بحديث مسلم السابق.
والصحيح الجواز وليس مطلقاً، وإنما إذا اضطر المسلمون لذلك، فهذه الاستعانة الاضطرارية تدخل في قول الله تعالى : ” وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ”، وقد ذكر العلماء في هذا الباب أحاديث كثيرة تدل على جواز الاستعانة بالكفار عند الحاجة كما سيأتي بسطها في هذا المقال.
لكن للأسف أن الأعداء المتحالفين مع حكام المسلمين اليوم يلعبون بالحبلين حيث يهملون التحالف ضد الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان وباكستان واليمن وغيرها رغم أنها تكفر كل من خالفها وتستحل دمه، ثم إن خطر هذه الميليشيات الشيعية التكفيرية على الاسلام والمسلمين أشد من خطر الدواعش والخوارج التكفيريين لكونهم يعتقدون عقيدةً اثني عشرية إمامية رافضية لا تؤمن بأدلة الكتاب والسنة، ويكفرون عامة الصحابة ويطعنون في الاسلام وخلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان، ويستبيحون دماء المسلمين السنة، وقد سبق بيان هذه الخطورة مبسوطة في غير هذا المقام، وبالرغم أيضاً : أن حكام العرب وشعوبهم ينظرون لهذه الميليشيات أنها إرهابية لكن أعداء الله لا يعلنون العداء ضدهم ولا الحرب عليه، بل يدعمونهم بطرق ملتوية لكونهم نفعوا الأعداء بسفك دماء المسلمين السنة، فصار حكامنا مغلوبين على أمرهم من هذه الناحية بسبب هيمنة الأعداء التي لا ترحم حكام المسلمين ولا شعوبهم، ولا يلتزمون بمواثيق التحالف وبنوده مع ولاة أمرنا في بلداننا الإسلامية، تلك البنود التي تنص على حفظ السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
ومما تجدر الاشارة إليه : أنه ينبغي للمسلمين أن يفرقوا اليوم بين الدواعش والقاعدة وأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الخارجية.
فإن الدواعش أصحاب شر عظيم عجز المسلمون عن دفعه، وغالب الظن أنه تنظيم عالمي ممول من أجهزة مخابرات صهيونية وعالمية أخرى، لأن أفعالهم ليست بأفعال مسلمين خوارج فحسب، وأقل وصف يمكننا أن نصفهم به هو وصف “غلاة الخوارج، وهؤلاء هم من نقول إذا عجز المسلمون عن دفع ضررهم وكانت هناك حاجة ملحة للاستعانة بالكفار والتحالف معهم ضد تنظيم داعش فلا بأس.
أما التنظيمات الخارجية الأخرى كالقاعدة وأنصار الشريعة ونحوها من الجماعات التكفيرية، فهذه مقدور عليها من قبل الحكومات الإسلامية، ولا يجوز لحكام المسلمين أن يستعينوا بأعداء الله لمقاتلتهم لأنه لا عجز عن مقاتلتهم اليوم كما هو مشاهد، ولذا ننكر تدخل الطيران الأمريكي وغيره في بلاد المسلمين لضرب الجماعات الخارجية المقدور عليها من ولاة أمرنا، وخصوصاً باليمن، والتي صارت تقتل الرجل المطلوب في بيته ومعه أبرياء من أفراد أسرته أو جيرانه، وربما ضربت الطائرة بصواريخها على سيارة نقل تحمل ركاباً وفيهم واحد مطلوب، فتقتل كل من في السيارة لأجل قتل رجل واحد، وربما ضربت على بعض المنازل فتقتل كل من فيها، وليس فيهم رجل مطلوب، فويل لولي الأمر الذي أذن لهم بذلك أو صرح لهم بهذا الظلم العظيم.
وإليكم طائفة من الأدلة الصحيحة في جواز الاستعانة بالكافرين عند الحاجة :
الحديث الأول: ما أخرجه أبو داود وغيره كما تقدم من حديث ذي مخبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ستصالحون الروم صلحاً آمنا، وتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم”.
الحديث الثاني: ما أخرجه أبو داود في مراسيله ” أن صفوان بن أمية شهد حنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إذ ذاك مشركاً حتى قالت له قريش: تقاتل مع محمد ولست على دينه، فقال: رب من قريش خير من رب من هوزان، فأسهم له النبي وأعطاه من سهم المؤلفة” وله أسانيد كثيرة يقوي بعضها بعضاً وتثبت صحة القصة.
الحديث الثالث: ما ثبت بأسانيد كثيرة في كتب السير “أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً بين المسلمين وبين اليهود وادع فيه اليهود، وعاهدهم، واقرهم على دينهم و أموالهم، واشترط عليهم وشرط لهم، ومما جاء في الكتاب ” وأن بينهم النصر على من حارب أهل هـذه الصـحيفة” وأيضاً فيها “وأن بيـنهم النصر على من دهم يـثرب”.
الحديث الرابع: ما أخرجه البخاري في صحيحه ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة إلى المدينة استأجر عبد الله بن أريقط الديلي ليدله على الطريق، وكان خريتاً ماهراً بالطريق، وكان على دين كفار قريش”.
الحديث الخامس: ما جاء في الصحيحين والسنن وغيرها من استعانته صلى الله عليه وسلم بالمنافقين وخروجهم معه للجهاد في غزوات عديدة”، والمنافقون كفار في ذلك الزمن والوحي يتنزل.
الحديث السادس: مقتضى ما أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر”، وغيرها من الأدلة التي يطول بسطها.
وقد ذكر الصنعاني والشوكاني عن صاحب البحر الإجماع على جواز الاستعــانة بالمنافقــين في القــتال”.
وأختم هذا المقال بكلمة مقتضبة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قالها بعد غزو صدام للكويت، حيث قال ” كل ما في الأمر أن الدولة السعودية احتاجت إلى الاستعانة ببعض الجيوش من جنسيات متعددة ومن جملتهم الولايات المتحدة، وإنما ذلك للدفاع المشترك مع القوات السعودية عن البلاد والإسلام وأهله، ولا حرج في ذلك ، لأنه استعانة لدفع الظلم وحفظ البلاد وحمايتها من شر الأشرار وظلم الظالمين وعدوان المعتدين، فلا حرج كما قرره أهل العلم وبينوه، …ثم قال رحمه الله : وحتى لو كانوا مسلمين إذا تعدوا وجب ردعهم ولو بالاستعانة ببعض الكفرة، وعلى طريق سلمية كما هي يدفع بها الشر وتحمي بها البلاد، والرسول – صلى الله عليه وسلم – استعان بصفوان بن أمية يوم حنين لحرب أهل الطائف، وبذلك فإن الاستعانة بالكفار على من تعدى وظلم يجوز على الكفار أو على أي متعد وظالم، والذي لا يجوز هو أن ينصر كفار على مسلمين، أما هذا الوضع فهو يحمي المسلمين وأراضيهم من المجرمين والمعتدين والكافرين، وفرق بين الاثنين : بين إنسان ينصر الكفار على المسلمين ويعينهم على المسلمين، وهذه هي الردة لا تجوز وهذا منكر، أما كما هو الحال بالمملكة من الاستعانة بالكفار لردع المعتدي وصده سواء كان كافرا أو مسلماً عن بلاد الإسلام والمقدسات، فهذا أمر مطلوب ولازم، لأنه لحماية المسلمين ورد الأذى عنهم سواء كان كافراً أو مسلماً”(2).
وهذه الكلمات كانت قبل خروج جيوش صدام من الكويت.
وللأسف أن التكفيريين وبعض الجهلة يحملون هذه التحالفات على أنها من موالاة أعداء الله مطلقاً دون تفصيل، وهذا فهم خطأ وقد بينته في مقالات سابقة من هذه الدراسة، ومن ذلك مقالي الذي بعنوان : ” قول الخوارج ” أمريكا بحربها على المسلمين جعلها دولةً حربية فكيف نقول : إنها معاهدة ، وقد صرح رئيسها(3) أن ما يقوم به هي الحرب الصليبية”، وأيضاً مقال : ” شبهة موالاة حكام العرب للكافرين على المسلمين” فليراجعهما من أحب الوقوف على الحقيقة.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
ــــــــــــــــــــــ
[1] فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز (8/224 وما بعدها).
[2] المصدر السابق (6/150).
[3] يقصدون به “جورج دبليو بوش”