علماء اليمن في خطر
(ضمن سلسلة مقالات متنوعة)
الحلقة (27)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
تتوالى الإعتداءات التي طالت رجال العلم "حفظة الشريعة " في أرض اليمن لتنتقل من مرحلة لمز العلماء وهمزهم والطعن في أعراضهم، ووصفهم بالأوصاف الجائرة القبيحة التي لا تليق، لتنتهي إلى مسلسل الاعتداءات والاغتيالات في ظل غياب الأمن والاستقرار والسكينة، في بلد كان يسميه الناس قديماً بــ اليمن السعيد، بيد أنه اليوم: اليمن الشهيد، أو اليمن التعيس أو اليمن الشقي، لسوء أحوال أهله وقلة حيلتهم وهوانهم على العصابات التي تحكم الشعب والوطن بلغة الرصاص والارهاب والعمالة وسياسة النفاق.
لا أعتقد أن عاقلاً اليوم يقول: لقد تحرر اليمن من أيادي الرجعية بوجود هذه العصابات الملطخة بدماء الأبرياء في أرجاء هذا الوطن العظيم الذي وصفه النبي عليه الصلاة والسلام يوماً من الدهر بقوله: "الايمان يمان والحكمة يمانية"
بدأ مسلسل الاغتيالات بمقتل زميلي الفاضل الشيخ علي بن سالم بن يعقوب با وزير، وهو من فضلاء المشايخ في حضرموت، في غيل با وزير، وكان الاغتيال وقت خروجه لصلاة العشاء، برصاص بعض مستحلي الدماء وذلك يوم الأربعاء 19/ 4/ 1435هـ
ثم تلاه مقتل الشيخ سمحان بن عبد العزيز الراوي إمام وخطيب مسجد ابن القيم في عدن، وقد عثر على جثته في خور مكسر بعدن يوم الأحد بتاريخ 21/4/1437هـ، وذلك بعد اختطافه بيوم.
ثم تلاه مقتل زميلي الشيخ الفاضل عبدالرحمن بن عمر بن مرعي العدني ، في منطقة الفيوش بعدن، وهو خارج من بيته لأداء الصلاة الظهر برصاصات أهل الغدر والخيانة يوم الاحد بتاريخ 19/5/ 1437هـ.
ثم تلاه مقتل الشيخ ياسر الحمومي بالقرب من منزله في مدينة جعار ثاني كبرى مدن محافظة ابين مساء الثلاثاء بتاريخ 11/9/1437هـ.
ثم تلاه مقتل الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن يوسف الزهري في حي المنصورة بعدن، أثناء خروجه من الجامع بعد أدائه صلاة الفجر حيث قام مسلحون بإطلاق النار عليه حتى أردوه قتيلاً بتاريخ 17/9/1437هـ.
ثم تلاه مقتل الشيخ ياسين الحوشبي العدني بانفجار عبوة ناسفة زرعت في سيارته بحي الشهيد عبدالقوي بمديرية الشيخ عثمان بعدن، بتاريخ 20/1/1439هـ
ثم تلاه بأيام الاعتداء على مركز مفرق حبيش بإب، والذي يديره فضيلة الشيخ عبد العزيز البرعي بإطلاق رصاص ناري من قبل أحد المجهولين أثناء صلاة الفجر، وعلى إثره أصيب ثلاثة من طلاب المركز بتاريخ 29/1/1439هـ
ثم تلاه بأيام مقتل الشيخ فهد اليونسي إمام وخطيب مسجد الصحابة بالمنصورة في مدينة عدن، حيث قتل فجر الأربعاء بتاريخ 28/1/1439ﻫ.
ثم تلاه مقتل الشيخ عادل الشهري إمام وخطيب مسجد سعد بن أبي وقاص في عدن بتاريخ 8/2/1439هـ
وكل هؤلاء من خيرة الدعاة والمشايخ باليمن، ولهم جهود عظيمة في نشر العلم الشرعي، والذب عنه، وتدريسه، والدعوة إليه على بصيرة.
والمتهمون في ظل غياب الحكومة اليمنية معروفون ما بين خوارج، وقيادات سياسية تعمل لجهات خارجية، وكفى بالله وكيلاً وكفى بالله شهيداً.
إن اغتيال العلماء ينبئ عن خطر عظيم، فمحاربتهم وقتلهم حرب للإسلام وأهله، لكون العلماء ورثة الأنبياء، فهم من يبصر المسلمين بأمور دينهم، فإذا تمت تصفيتهم ومحاربتهم فلن يبقى سوى الأعداء وأهل النفاق والفسق والفجور، وستغيب الفتوى القائمة على الأدلة من الكتاب والسنة، وسيتصدر للفتوى من لا خلاق لهم من أهل الطوائف المارقة وأرباب الجهل والضلال، وعندها فلينتظر الناس العقاب الأليم من رب العالمين لبعدهم عن الدين وسكوتهم عن قتل العلماء المربين.
وقد أحسن الشافعي عندما قال:
فَلَولاَ العِلْمُ مَا سَعِدَتْ رِجَالٌ ولا عرفُ الحلالُ ولا الحرامُ
وقال الحسن البصري رحمه الله: "لولا العلماء لكان الناس كالبهائم".
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا".
فليتق الله أصحاب السياسات المارقة والطوائف الخارجية والميليشيات الشاذة في دماء العلماء، فإن دماءهم غالية زكية، وإن الدنيا قليلة، والآخرة خير وأبقى: "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ".