الجامع المختصر في صحيح وضعيف السنة والأثر
الحلقة (8)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
[72] عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الذي يجر ثوبه من الخيلاء([1]) لا ينظر الله عز وجل إليه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله إن أحد شقي([2]) ثوبي يسترخي أحياناً، ولا نعلم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر إنك لا تفعل ذلك خيلاء ([3])، فقال القوم: هنيئاً لك يا أبا بكر".
حديث منكر بهذا اللفظأخرجه الدارقطني في جزء أبي الطاهر، وقد ثبت حديث الباب كما في صحيح البخاري وغيره من غير لفظ التهنئة.
وانظر تخريجي له مفصلاً في كتابي " أحكام التهنئة في الإسلام"، حديث رقم (54)".
[73] عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا إلا الأموال- الثياب والمتاع- قال: فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا أسود يقال له: مدعم، فوجه([4]) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى([5]) حتى إذا كنا بوادي القرى بينما مدعم يحط رَحْل([6]) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم غائر فأصابه فقتله، فقال الناس: هنيئًا له الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا؛ والذي نفسي بيده إن الشملة([7]) التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا".
حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وفي رواية صحيحة عند مسلم وغيره بلفظ: "هنيئاً له الشهادة يا رسول الله ".
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل المذكور أعلاه، حديث رقم (55)".
[74] عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي على البقيع، قال: فصلى عليهم في ليلة ثلاث مرات، فلما كانت الثالثة، قال: " يا أبا مويهبة، أسرج لي دابتي([8])"، قال: فركب ومضت حتى انتهينا إليهم، فنزل عن دابته وأمسك الدابة ووقف عليهم - أو قام عليهم - فقال: «ليهنكم ما أنتم فيه؛ أتت الفتن كقطع الليل يركب بعضها بعضا، والآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه» ، ثم رجع فقال: «يا أبا مويهبة، إني أعطيت - أو قال - خيرت مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي، والجنة أو لقاء ربي» قال: قلت: بأبي وأمي فاختر لنا، فقال: «لأن ترتد على عقبيها([9]) ما شاء الله، فاخترت لقاء ربي» فما لبث([10]) بعد ذلك إلا سبعا أو ثمانيا حتى قبض([11]) صلى الله عليه وسلم".
حديث ضعيف وقد ورد من وجوه مختلفة لا تسلم من مقال واختلاف :
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في مسنده، وابن الأعرابي في معجمه، وأبو الحسن نور الدين الهيثمي في غاية المقصد في زوائد المسند، والطبراني في معجمه الكبير، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وغيرهم.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، حديث رقم (56)".
[75] عن شبر بن علقمة قال: "كنا بالقادسية، فخرج رجل منهم عليه السلاح والهيئة ([12]) فعرضت على أصحابي أن يبارزوه ([13]) فأبوا وكنت رجلاً قصيراً، قال : فقدمت إليه فصاح صوتاً وكبَّرت وهَدَر([14]) ، وكبرت فاحتُمِل ([15]) بي فضرب، قال: ويميل به فرسه، قال: فأخذت خنجره فوثبت ([16]) على صدره فذبحته، قال: وأخذت مِنْطَقَةً ([17]) له وسيفاً ورايتين ([18])ودِراعًا([19]) وسوارين([20]) فقوِّم ([21]) اثني عشر ألفا، فأتيت به سعد بن مالك، فقال: رُحْ إلي ورح بالسَّلَب ([22]).
قال: فرحت إليه فقام على المنبر فقال: هذا سلب شبر بن علقمة خذه هنيئاً مريئاً، فنفّلنيه ([23]) كله ".
أثر صحيح، والتهنئة فيه شاذة. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، كما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه مختصراً، وابن زنجويه في الأموال.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (59)".
[76] عن عبد الله بن حصين قال: "سابق حذيفة الناس على فرس له أشهب([24]) ـ قال: فسبقهم .. فدخلنا عليه داره، قال : فإذا هو على معلفه([25]) وهو على رملة يقطر عرقاً على شملة([26]) له، وحذيفة بن اليمان جالس عنده على قدميه ما تمس أليتاه([27]) الأرض، قال: فجعل الناس يدخلون عليه يهنئونه، يقولون: ليهنئك([28]) السبق".
أثر حسن أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، وابن أبي شيبة في مصنفه مختصراً.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (60)".
[77] عن جبير بن نفير قال: "جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا فمر به رجل فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت".
أثر صحيحأخرجه أحمد في مسنده وابن أبي حاتم في تفسيره، والبخاري في الأدب المفرد، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني مختصراً، وابن حبان في صحيحه، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو نعيم في الحلية.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (61)".
[78] وعن نافع قال: "جاء رجل إلى ابن عمر، فقال: نظرتم بأعينكم هذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، قال: وكلمتموه بألسنتكم هذه، وبايعتموه ([29]) بأيديكم هذه؟ ، قال: نعم، فقال الرجل: طوبى([30]) لكم ".
أثر ضعيف جداً أخرجه عبد بن حميد في المنتخب من مسنده.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (63)".
[79] عن المسيب قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت: طوبى لك، صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وبايعته تحت الشجرة. فقال: يا ابن أخي، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده".
أثر صحيح أخرجه البخاري في صحيحه ، والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (62)".
[80] عن زكريا بن عدي قال: "كان الصلت بن بسطام التميمي يجلس في حلقة أبي خباب يدعو من بعد العصر يوم الجمعة قال: فجلسوا يوماً يدعون وقد نزل الماء في عينيه فذهب بصره، فدعوا وذكروا بصره في دعائهم، فلما كان قبيل الشمس عطس عطسة فإذا هو يبصر بعينيه، وإذا قدر الله بصره، قال زكريا: فقال لي ابنه: قال لي حفص بن غياث: أنا رأيت الناس عشية إذ يخرجون من المسجد مع أبيك يهنئونه ".
أثر حسن أخرجه ابن أبي الدنيا في مجابو الدعوة، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وانظر تخريجي له مفصلاً في الأصل، أثر رقم (66)".
___________
[1] الخُيَلاء : الكبر والعجب.
[2] شقي: تثنية "شق": جانب أو نصف.
[3] كِبْراً وعجباً.
[4] بمعنى توجه أي أقبل وقصد.
[5] وادي القُرى: مدينة قديمة وواد بين المدينة والشام كثير القرى، ويعد من أعمال المدينة, بينه وبين المدينة ثلاثة أميال من جهة الشام.
[6] بفتح فسكون: ما يجعل على ظهر البعير ليركب عليه كالسَّرج للفرس.
[7] الشملة: كساء يؤتزر ويشتمل به، من الشمل: دوران الشيء بالشيء وأخذه إياه من جوانبه.
[8] أسرج لي دابتي: أشدد عليها السرج واجعله عليها، والسرج هو الغطاء الذي يكون على ظهر الفرس يركب عليه الراكب بدلاً من أن يكون راكباً على الفرس وهو عري, والسرج من سرج: حسن وزين.
[9] ترتد على عقبيها: يقال ارتد على عقبيه بمعنى رجع منسحباً من حيث أتى.
[10] لبث: أقام ومكث.
[11] قبض: توفي ومات بقبض روحه.
[12] اللباس والحالة الظاهرة التي فيها تهيؤ لشيء، وهو هنا القتال.
[13] يقاتلوه بالسيف.
[14] أبطل حرمة دم خصمه وأسقطه وأباحه.
[15] تحامل غاضباً.
[16] قفز بسرعة.
[17] اسم لما يشد به الوسط.
[18] مثنى راية قيل : علم الجيش وتكنى أم الحرب وهي فوق اللواء.
[19] جمع دِرْع : قميص من حلقات الحديد المتشابكة تلبس في الحرب عَلَى الصدر أثناء الحركة، ووقاية من سلاح العدو.
[20] مثنى سوار : ما تلبسه المرأة في يدها من ذهب أو فضة.
[21] قُدّر ثمنه.
[22] ما يؤخذ من القتيل في الحرب مما يكون عليه ومعه من ثياب وسلاح ودابة.
[23] أعطاه ما غنم.
[24] أبيض خالط أو غلب على سواد.
[25] موضع العَلَف.
[26] كساَء يشتمل ويُتَغطى به ويُتَلفَّف فيه.
[27] العَجِيزة أو ما رَكِبَ العجُز من شحم ولحم.
[28] وقد وجدتها في الأصل "ليهنك" والصحيح ما أثبتناه.
[29]عبارة عن المعاقدة والمعاهدة، كأن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره.
[30] طوبى : هي من الطيب أي طاب عيشكم , وهي هنا بمعنى التهنئة.