السبت 17 شعبان 1446 هـ || الموافق 15 فبراير 2025 م


قائمة الأقسام   ||    دورة تدريس علوم الحديث    ||    عدد المشاهدات: 5634

أصول رواية الحديث

الحلقة (34)

بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

تنقسم أصول الرواية إلى ثمانية أنواع:

أولها السماع من لفظ الشيخ: وهو منقسم إلى إملاء أو تحديث وسواء كان من حفظه أو القراءة من كتابه، والسماع أرفع درجات أنواع الرواية عند الأكثرين.

وفي هذا النوع يقول الراوي: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت فلاناً يقول، وقال لنا فلان، وذكر لنا فلان.

وثانيها القراءة على الشيخ: سواء كنتَ أنت القارىء أو غيرك، وأنت تسمع أو قرأت في كتاب، أو من حفظ أو كان الشيخ يحفظ ما يُقرأ عليه، أو يمسك أصله، ولا خلاف أنها رواية صحيحة.

وفي هذا النوع يقول الراوي بمثل ما يقول في النوع الأول، وهو مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة وبه قال البخاري.

وثالثها المناولة: وهي أيضاً على أنواع :

أرفعها أن يدفع الشيخ كتابه الذي رواه أو نسخه منه وقد صححها، أو أحاديث من حديثه وقد انتخبها وكتبها بخطه، أو كُتِبت عنه فعرفها ، فيقول للطالب هذه روايتى فاروها عني ويدفعها إليه أو يقول له خذها فانسخها وقابل بها ثم اصرفها إلي ، وقد أجزت لك أن تحدث بها عني أو أروها عني ، أو يأتيه الطالب بنسخة صحيحة من رواية الشيخ ، أو بجزء من حديثه فيقف عليه الشيخ ويعرفه ويحقق جميعه وصحته ويجيزه له.

وهي رواية صحيحة.

وفي هذا النوع يقول الراوي بمثل ما يقول في الضرب الأول، وهو مذهب مالك ومعظم الأئمة والمحدثين.

ورابعها الكتابة: وهو أن يسأل الطالب الشيخ أن يكتب له شيئاً من حديثه، أو يبدأ الشيخ بكتابة ذلك مفيداً للطالب بحضرته، أو من بلد آخر وليس في الكتاب ولا في المشافهة والسؤال إذن ولا طلب للحديث بها عنه.

وقد استقر فعل السلف ومن بعدهم من مشايخ الحديث على فعل ذلك.

وفي هذا النوع يقول الراوي: كتب إلي فلان قال أخبرنا فلان، وأجمعوا على العمل بمقتضى هذا التحديث وعدوه في المسند بغير خلاف إلا من شذ.

وخامسها الإجازة: إما مشافهة أو إذناً باللفظ مع المغيب، أو يكتب له ذلك بخطه بحضرته أو مغيبه.

والحكم في جميعها واحد إلا أنه يحتاج مع المغيب لإثبات النقل أو الخط، والجماهير على جواز الرواية بالإجازة، وهو الراجح.

إلا أن هناك أنواعاً أخرى من الإجازات لا يقبلها الجمهور وهي:

الأولى: الإجازة العامة كأن يقول: أجزت جميع المسلمين بأن يرووا مروياتي.

الثانية: الإجازة بالمجهول للمجهول كأن يقول: أجزت جماعة من المسلمين ببعض المسموعات.

الثالثة: الإجازة بالمعدوم كأن يقول: أجزت من سيولد بالرواية عني.

وهذه الاجازات الثلاث غير مقبولة، ولا يُعتمد عليها في التحديث.

وسادسها الإعلام للطالب بأن هذه الكتب روايته: وهو إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث من روايته، وأن هذا الكتاب من سماعه دون أن يأذن للطالب في الرواية عنه، أو دون أن يأمره بالرواية عنه، أو يقول له الطالب هو روايتك أليَ أن أحمله عنك؟

فيقول له: نعم، أو يقره على ذلك ولا يمنعه.

فهذا أيضاً وجه وطريق صحيح للنقل.

والعمل بها عند الكثير؛ لأن اعترافه به وتصحيحه له أنه سماعه كتحديثه له بلفظه وقراءته عليه إياه وإن لم يجزه له، وبه قال طائفة من أئمة المحدثين ونظار الفقهاء المحققين.

وسابعها وصيته بكتبه له: وهو أن يوصي الشيخ بدفع كتبه عند موته أو سفره لرجل.

ففي دفعها له نوع من الإذن وشبهٌ من العرض والمناولة وهو قريب من الضرب الذي قبله.

قال حماد: وكان أبو قلابة قال : ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حياً وإلا فأحرقوها.

وثامنها الوقوف على خط الراوى فقط: وهو الوقوف على كتاب بخط محدث مشهور يَعْرِف خطه ويصححه وإن لم يلقه ولا سمع منه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه كتابه هذا، وكذلك كتبُ أبيه وجده بخط أيديهم.

والذي استمر عليه عمل الأشياخ قديماً وحديثاً في هذا قولهم وجدت بخط فلان وقرأت في كتاب فلان بخطه إلا من يدلس فيقول عن فلان أو قال فلان، وربما قال بعضهم أخبرنا ، وقد انتقد هذا على جماعة عُرفوا بالتدليس، لكن الرواية به مقبولة ما لم يكن مدلساً عنعن فيه.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام