ناصر القردعي يطعن في السنة ورواتها ويتهم بعض الصحابة بأنهم يهود ومنافقون
الحلقة (10)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
ذكرت في اللقاءين السابقين من هذه الدراسة أن ناصر القردعي اليماني ادعى المهدية في بيانه الأول ولم يثبت في ذلك دليلاً لا من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله، ثم سردت أشهر الأحاديث الصحيحة في المهدي في الحلقة رقم (9)، وكلها تدينه وتثبت أنه دجال، حيث كانت خلاصة تلكم الأحاديث الصحيحة: أن اسم المهدي اسم النبي واسم أبيه اسم أبي النبي عليه الصلاة والسلام مصرحاً نصاً لا شك فيه، وناصر القردعي ليس اسمه واسم أبيه كذلك، وأيضاً أنه من ولد فاطمة، من آل البيت الهاشمي، وناصر القردعي ليس هاشمياً ، بل هو من قبيلة القرادعة، والقرادعة من مراد، ومراد من مذحج، ومذحج من قحطان، وقد ادعى أنه من آل البيت زوراً، وأول من أنكر عليه قبيلته، فهو لا يستحي، لا من الله ولا من الخلق ولا من قبيلته ولا من قرابته، وأيضاً أن خروجه من بلاد المشرق " مشرق المدينة " كما صح في الحديث، وناصر القردعي يمني، ولا يخرج المهدي من أرض اليمن البتة، وأيضاً أن المهدي لا يخرج إلا بعد أن يتقاتل على وعند كنز الكعبة ثلاثة من أولاد الخلفاء كلٌ يريد أخذه ثم يخرج المهدي، وناصر يدعي المهدية قبل تحقق هذا القتال الوارد في الحديث السادس المتقدم في الحلقة السابقة، وقبل تحقق الملاحم التي ذكرناها في الحلقة رقم (8).
هذه خلاصة اللقاءين السابقين مع ذكر الأدلة من السنة الصحيحة.
وفي هذا اللقاء سأسلط الضوء على ثلاث قضايا أثارها ناصر في بيانه الأول، وأدخل بعضها في بعض وهي " الأولى: الادعاء بالعودة عند التنازع إلى كتاب الله دون سنة رسول الله، بل صرح حتى لو تنازعنا في أي حديث فنرده فقط للقرآن، وهذا قول الزنادقة والمتكلمين والفلاسفة والقرآنيين ونحوهم من أهل الضلال ممن يطعن في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والثانية : ادعاء أن القرآن هو المرجع في تصحيح الأحاديث وتضعيفها والمرجع عند اختلاف المحدثين، والثالثة: اتهامه لبعض الصحابة أنهم يهود ومنافقون وأنهم وضعوا بعض الأحاديث على رسول الله.
فأقول، وبالله التوفيق:
المسألة الأولى:
ادعاء ناصر بالعودة عند التنازع إلى كتاب الله دون سنة رسول الله.
يقول ناصر القردعي في بيانه الأول: "نحتكم إلى القرآن العظيم الذي جعله الله المرجع الحقّ لما تنازعتم فيه من سُنّة محمد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم"اهـ
وأقول: إذا اختلف العلماء في مسألة من المسائل فإنه يلزمهم العودة لكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وهذا اتفاقاً لا خلاف في ذلك، ولا دليل على تخصيص التحاكم إلى القرآن دون السنة كما زعم ناصر، وأما إذا اختلفوا في تصحيح حديث فسيأتي الكلام عليه في المسألة الثانية.
وإليكم أدلة التحاكم إلى الكتاب والسنة معاً:
قال الله تعالى: "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".
وقال تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا".
وقال تعالى: "قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ".
وقال تعالى: "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ".
وقال تعالى: "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
وأدلة غيرها كثير، فهل جعل الله التحاكم للقرآن دون السنة يا ناصر، أم أن الآيات ترد ضلالك وكذبك.
لقد ضحك ناصر على العوام فقال لهم إن الله عز وجل يقول: "ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ"، ولم يقل الله: فحكمه إلى الله ورسوله، معرضاً هذا الشخص عن الآيات السابقات مع العلم أن الآية وهي قوله تعالى: "فحكمه إلى الله" بمعنى حكم الله المتضمن القرآن والسنة بدليل قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ" فبطلان العمل أن نحتكم للقرآن دون السنة.
فحكم الله لا يتم إلا بطاعة وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام لأنه صاحب الرسالة وحكمه من الرسالة الالهية التي جاء بها الوحي بواسطة جبريل، ولذا قال الله تعالى لنبيه: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
وهكذا أهل الزيغ ينتقون من القرآن والسنة ما يوافق أهواءهم وضلالهم.
بل كثيراً ما يردد ناصر ويقول "إننا إذا تنازعنا واختلفنا في الأحاديث فإننا نرجع للقرآن كي يفسرها ويوضحها".
وهذا ادعاه يكرره ناصر في أكثر من بيان، وهو: عكس ما طلبه الله منا، حيث طلب منا سبحانه إذا أردنا تفسير وتوضيح بعض النصوص القرآنية أن نرجع للسنة كي تفسرها لنا، فإن كيفية الصلاة والحج والصيام والزكاة وعامة العبادات جاءت مجملة في القرآن، ولم نعرف تفصيلها وكيفيتها إلا بعد عودتنا للسنة الصحيحة التي حملها الرجال الثقات العدول.
قال الله تعالى: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".
قال العلامة محمد بن الأمين الشنقيطي في أضواء البيان في الجزء الثاني: " المراد بالذكر في هذه الآية: القرآن; كقوله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"اهـ
وقال ابن كثير في تفسيره (4/574): "(وأنزلنا إليك الذكر) يعني: القرآن، (لتبين للناس ما نزل إليهم) من ربهم أي: لعلمك بمعنى ما أنزل عليك، وحرصك عليه، واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم، فتفصل لهم ما أجمل، وتبين لهم ما أشكل" اهـ
قال حسان بن عطية: "كان جبريل -عليه السلام- ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسنة، كما ينزل عليه بالقرآن، ويعلمه إياها، كما يعلمه القرآن" أخرجه المروذي في السنة، واللالكائي في أصول السنة وغيرهما.
فتبين مما سبق أن السنة وحي منزل بالمعنى ما عدا الحديث القدسي فهو منزل لفظاً ومعنى، وأن النبي عليه الصلاة والسلام يفسر القرآن ويبين أحكامه، لأن تفسيره وأحكامه وحي، وذلك بما جاء به جبريل وعلمه، ويؤكد ذلك قوله تعالى: "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ".
ولذا اتفق العلماء على أن السنة النبوية مكملة للقرآن ومفسرة له، وهي بهذا المعنى المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، ولكنها من حيث الاحتجاج والعمل بها فهي مثل القرآن الكريم اتفاقاً.
ويؤكد ذلك النبي عليه الصلاة والسلام بقوله كما في الحديث الصحيح: "لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، يقول: لا ندري؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه" أخرجه الإمام أحمد، والترمذي وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال؛ فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام؛ فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله" أخرجه أبو داود والترمذي.
المسألة الثانية:
ادعاء القردعي أن القرآن هو المرجع في تصحيح الأحاديث وتضعيفها والمرجع عند اختلاف المحدثين.
يقول ناصر: "الله أمركم أن تجعلوا القرآن هو المرجع الأساسي فيما اختلف فيه عُلماء الحديث"اهـ.
ما الدليل على أن القرآن هو المرجع الأساسي لاختلاف المحدثين وأن الله أمرهم بذلك يا ناصر؟!! الدليل هو الهوس والوحي الشيطاني والكذب، فلم يقل أحد من العوام ما قلت فضلاً عن العقلاء والعلماء.
ومن عجائبه المضحكة قوله: " القرآن هو المرجع لصحة الأحاديث النَّبويّة" اهـ
كيف يمكن للقرآن أن يصحح الأحاديث يا ناصر؟!!! لا يمكن ولا يقول بذلك عاقل لا عرضاً على الآيات ولا فهماً لمدلولاتها، فالسنة لا تخالف القرآن سوى ما في رأسك من الهوس وما تتلقاه من إخوانك الشياطين الذين يوحون إليك " زخرفاً من القول غروراً".
إن طريقة تصحيح الأحاديث وتضعيفها تعرف - باتفاق العلماء - من خلال دراسة مصطلح الحديث، وهو: العلم الذي يبحث في حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد.
وهذا المصطلح هو المدخل الوحيد لعلم الحديث الذي ينقسم إلى نوعين:
الأول علم الحديث رواية: وهو علم يختص بنقل الخبر وضبطه وتحرير ألفاظه وتدوينه.
النوع الثاني علم الحديث دراية: وهو علم يبحث في حقيقة نقل الرواية وشرطها ونوعها وحكمها وحال ناقلها وشرطه وأنواع مروياته وفقهها.
أما قولك يا ناصر فهو هذهذه لا مستند لها، لا عقلاً ولا شرعاً ولا اصطلاحاً، وأنت بدجلك هذا تضحك على من يصدقك من ضحايا العوام لكي تضلهم ضلالاً مبيناً.
ومن جهالة ودجل ناصر أنه حشر مجموعة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة في مجموع بياناته لأجل يقول للعوام، هذه الأحاديث تدل على أننا نعرض كل حديث على القرآن فما وافق القرآن فهو صحيح وما خالفه فهو ضعيف حتى لو كان الحديث متفقاً عليه ومتواتراً فإننا نضعفه، هكذا يزعم ناصر، والواقع أن القردعي يضعف على هواه، وبناء على ما يملي عليه المردة الذين تلبسوا به، فإن الأحاديث الصحيحة السند لا تعارض القرآن لكن من ربط دينه بالشياطين استهوته لكل ضلالة.
ومن هذه الأحاديث التي استدل بها ناصر لتقوية ضلاله ودجله: حديث "أعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته".
وهذا الحديث ضعيف جداً أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث ثوبان، وفيه يزيد بن ربيعة، وهو متروك، ومنكر الحديث.
وكذلك: حديث "إنها ستفشى عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرؤوا كتاب الله واعتبروه فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله".
وهذا الحديث ضعيف جداً أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث عبد الله بن عمر.
وفي اسناده: الوضين بن عطاء سيئ الحفظ، وقتادة بن الفضيل مقبول في المتابعات، وأبو حاضر مجهول.
وسيأتي فصل خاص بكل الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حشرها ناصر في بياناته، وقد قال عنها بعض أهل العلم: "هذه الأحاديث مما وضعته الزنادقة".
المسألة الثالثة:
اتهامه لبعض الصحابة أنهم يهود ومنافقون وأنهم وضعوا بعض الأحاديث على رسول الله.
لقد اتهم ناصر القردعي الصحابة الذين رووا الأحاديث والتي هي عنده - حسب هواه - تخالف القرآن، اتهمهم بالنفاق بل جعل أصولهم من اليهود زوراً وبهتاناً وأتى بآيات في بيانه الأول وردت عن المنافقين النفاق الكفري الاعتقادي، وقال: إن المقصود بهم هؤلاء الذين كانوا حول رسول الله عليه الصلاة والسلام وأتوا بهذه الأحاديث، وهذا دجل من ناصر فإن المنافقين كعبد الله بن أبي وغيره لم يكونوا من رواة الحديث ولم يكونوا معدودين من الصحابة، وهذا باتفاق المسلمين من المحدثين وغيرهم.
قال ناصر قاتله الله: "هُناك طائفة من المُسلمين ظاهر الأمر من عُلماء اليهود من صحابة محمد رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- ظاهر الأمر- وهم يبطنون المكر ضدّ الله ورسوله اتخذوا أيمانهم جُنّة ليصدوا عن سبيل الله فيكونوا من رواة الحديث وأنزل الله سورةً باسمهم (المنافقون)"اهـ.
وقال ناصر: " ولكن طائفة من المسلمين وهم من علماء اليهود إذا خرجوا من مجلس الحديث بيَّتوا أحاديث عن رسول الله لم يقلها هو صلَّى الله عليه وسلَّم، وذلك ليصدّوا عن سبيل الله، وقال الله تعالى: وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ"اهـ
فسبحان الله، كيف يحشر الآيات في غير موضعها ويفسرها على هواه، ويتهم الرواة من الصحابة بالنفاق الاعتقادي وينزل في حقهم " سورة المنافقون" وأنها خاصة برواة الحديث الذين كانوا حول رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال : "إن أصولهم من علماء اليهود" وهذا عين الدجل والتزوير وقلب الحقائق والطعن والتكفير لخيرة الخلق بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأتقاهم، وأعلمهم بالحلال والحرام، وذلك أنَّهم شاهدوا الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام - والوحي يتنزل - وعرفوا فقهه، وتأويله بِهذا القرب والمكانة سماعاً و مشاهدةً واتبعوه ونصروه.
وكيف لا يكونون بِهذه المنزلة وقد أثنى الله عليهم في كتابه الكريم وامتدحهم في غير ما آية، وجعل رضاه مُقدَّماً لهم على غيرهم من عامة الناس، فقال جل في علاه: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا، ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"
قال الشاطبي في الموافقات (4/79): "ومن أبغضهم فقد أبغض النبي عليه الصلاة والسلام وما ذاك من جهة كونِهم رأوه أو جاوروه أو حاوروه فقط، إذ لا مزية في ذلك ، وإنِما هو لشدة متابعتهم له ، وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته ونصرته، ومن كان بِهذه المثابة حقيقٌ أن يتُخذَ قدوة وتجعل سيرته قبلة .أ هـ
قال ابن مسعود: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثُم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه..."([1]).
يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه".
فما بالكم بهذا الدعي القردعي الذي تجاوز حد السب حتى بلغ تكفير بعضهم وأنهم منافقون وعلماء يهود، قاتله الله.
للكلام بقية نستأنفه في اللقاء القادم بمشيئة الله، وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
([1]) صحيح لغيره، أخرجه أحمد في مسنده رقم (3600) واللفظ له . والحاكم في مستدركه وصححه رقم (4465)، ووافقه الذهبي في التلخيص، كما أخرجه البزار في مسنده، وغيره من أهل الحديث.