حكم العرَّاف والكاهن ومن يسألهما
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س3: هل العرَّاف والكاهن ومَنْ يدعي معرفة الأمور المستقبلية كافر؟
ج3: العراف والكاهن كافران لا محالة لأنهما يدَّعيان معرفة الغيب ومن ادعى معرفة الغيب فهو كافر خارج عن ملة الإسلام فإن تابا كانت التوبة تكفيرًا لهما وإلا لزم الوالي القيام بقتلهما.
وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام: "من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" ([1]).
فالراجح فيه التفصيل فإن كان هذا الآتي إلى العرّاف أو الكاهن يعتقد صحة ما يقول الكهان وأن ما عليه الكهان من ادعاء الغيب حق فهذا كافر لكونه يعتقد عقيدتهم وهذا فيما إذا كان يعلم أن ذلك من الكفر، وحاله كحال من يقول: إن القانون الوضعي المخالف للشرع حق ويجوز تقديمه على شرع الله! فهذا يعتقد صحة ما عليه الكفار فلا فرق بينه وبين الكافر سوى أنه يصلي ويصوم وهم لا يصلون ولا يصومون فلا يُغتر بمثل هؤلاء وإلا فكيف تنفع الصلاة والصيام رجلًا يشهد الشهادتين وهو يعتقد أن الكفار وما هم عليه على حق معناه أنه معرض عن أحكام الشرع ومن أعرض عن الشرع معتقدًا أن غيره مثله أو أحسن منه فهو كافر بإجماع المسلمين.
أما إن كان الآتي إلى الكاهن على جهل ولا يعلم حرمة الإتيان وصدَّقه على جهل منه فهو معذور حتى تقام عليه الحجة بعلم لا يحتمل غيره فإن مات قبل قيام الحجة عليه فيحمل على أصحاب الفترة ويختبر يوم القيامة مع من يختبر ولا يكفر البتة وإن كان يعلم حرمة ذلك ولا يصدقهم وما يقولون وأتى إليهم فهذا كفر دون كفر فهو معصية كبرى يلزم التوبة فإن تاب كانت له سترًا من غضب الله وإن لم يتب ومات فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وكل كفر دون كفر فإنه يترتب عليه نقصان التوحيد ويكون صاحبه مستحقًا لعذاب الله إلا أن يغفر الله له لقوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ([2]) ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ"([3]). وبالله التوفيق.
([1]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند المكثرين من الصحابة, مسند أبي هريرة رضي الله عنه(2/429 رقم 9532)] بلفظ: "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم-من حديث الحسن وأبي هريرة.
([2]) غير.
([3]) سورة النساء، الآية (48).