الثلاثاء 21 رجب 1446 هـ || الموافق 21 يناير 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 66773

حكم الاشتراك في البرنامج التسويقي لشركة ( DXN دي إكس إن) الماليزية

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

 

س5: بارك الله فيكم، ما حكم التعامل مع برنامج شركة DXN (دي إكس إن) الماليزية التسويقي، فهناك من أجازه وهناك من حرمه، وممن حرمه الشيخ محمد بن صالح المنجد والشيخ عبد الله الفوزان والشيخ عبد الله الفقيه وبعض من سألنا من مشايخ اللجنة الدائمة بالسعودية وغيرهم، وبالمقابل أجازه مفتي اليمن السابق زبارة ومفتي دبي ومفتي سلطنة عمان والشيخ السدلان والشيخ السحيباني، والعوام كما يعلم فضيلتك لا يميزون، أرجو إفادتنا جزاك الله خيراً؟


ج5: سبق الجواب عن مثل هذا السؤال، ونقول للأخ السائل ولغيره احتاطوا لدينكم وخصوصاً في المسائل التي يتردد فيها الخلاف بين الحرمة والجواز، فإذا استدل علماء ثقات في مسألة فقهية بأدلة وقالوا هذه الأدلة تبيح هذا الشيء، وآخرون علماء ثقات استدلوا بأخرى وقالوا هذه الأدلة تحرم هذا الشيء، فاحتاطوا لدينكم، وخذوا بقول من حرم طالما أنكم لا تميزون بين الأدلة والأقوال، وليست لديكم آلة الترجيح، ثم إن الحظر يُبنى عليه اثم وعقاب على من خالف الشرع، والمبيح لا يُبنى عليه اثم ولا عقاب ولا ثواب.

وقد سبق أن قلت في فتوى سابقة: إنه لا يجوز التعامل مع البرنامج التسويقي للشركة الماليزية "دي اكس ان" لأن البرنامج مجرد وسيلة وذريعة للحصول على عمولات وأرباح لدى أغلب من يشتري السلعة من خلال هذا البرنامج، وقلَّ من يشترك في هذا البرنامج لأجل أن يستفيد من منتجات الشركة.

وقلت: أيضاً لا تثريب على من اشترى هذه المنتجات الصحية لكونها مفيدة ولو بثمن أغلى من الثمن الذي اشتراه المشترك بالبرنامج، بحيث يكون بعيداً عن الاشتراك في هذا البرنامج التسويقي الذي يتصادم مع أدلة الشرع المطهر من عدة جهات:

أولاً: هذه الشركة شركة تجارية، وفي الوقت نفسه شركة تسويق لمنتجاتها عبر برنامجها التسويقي الذي تسألون عن حكم التعامل من خلاله، حيث يدخل المسوق أو المروج ويقوم بعمل اشتراك في برنامج الشركة عبر موقعها الالكتروني ويشتري من منتجات الشركة بـ100دولار او اقل بقليل، وبهذا الشراء المشروط وهو الاشتراك عينه للسمسرة المشروطة يحصل على 100 نقطة، فإذا سجل اشتراكه بدون شراء يكون حاصلاً على العضوية لكنها لا تتيح له صلاحيات العضو المشترك الذي يحصل على تخفيض وعمولات، ولا يعني ذلك أن العضوية برسوم مستقلة، بل هي مجانية لكن لا تتاح لك فرصة السمسرة إلا بشراء.

وهذا الشرط لا يجوز لأنه إلزام ما لا يلزم شرعاً، ولا يوجد في السمسرة والتسويق الشرعي شرط الدفع أو الشراء، لأن السمسرة تعني العقد الذي يجني منه المسوق أو السمسار مبلغ أتعاب إحضار الزبون بعد شراء السلعة.

فالمسوق الذي اشترى ليكون مشتركاً لأجل العمولات كان شراؤه مخصصاً لأجل أن يكون سمساراً، والشركة شرطت عليه الشراء وإلا لا سمسرة، وهذا شرط باطل في باب السمسرة، وهو أيضاً من الحيلة لأجل الحصول على المال باسم الشراء، ولم يجوز أحد من أهل العلم دفع رسوم أو شراء منتج لأجل السمرة، بل هذا شرط محدث أحدثته هذه الشركة الماليزية، وألزمت به المسوقين، ولا أصل له شرعاً.

ثانياً : يشترك في البرنامج الكثير لا لأجل شراء السلعة والاستفادة منها، وإنما يغلب على أكثرهم الحصول على أرباح وعائدات مادية بهذا الاشتراك من خلال مجموعة نقاط يجمعها، وقد يحصل على عمولات نتيجة تعبه وقد لا يحصل، وقد يساوي ما تعبه مع ما حصل عليه من المال، وبالتالي فهذا هو الميسر، لأنه قائم على الحظ والنصيب، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

ومن المعلوم أن الميسر ما يكون المشارك فيه غانماً أو غارماً، وهذا التعامل مع هذه الشركة متردد بين الأمرين، فالتعامل معها من خلال برنامجها التسويقي ميسر.

وقد قسمت الشركة مراتب هذه النقاط إلى مستويات عديدة بحيث كلما جلبت مشتركين أو مشتريين جدداً كلما ارتفعت نقاطك وحصلت على عائدات شهرية وسنوية من خلال مشتريات من يشتري أو من يجلبهم الأعضاء الذين من طرفك بحيث تعيش في عالم الأوهام واللعب من خلال المنافسة التي ضيع الكثير ممن دخل فيها أوقاتهم وأموالهم وانسحبوا منها خاسرين، وبعضهم قد يظفر بأرباح من خلال هذا البرنامج التسويقي.

ولا يتقيد شخص بصورة من صور الميسر، ولكن عليه أن يعرف حقيقة الميسر ثم يضرب الأمثلة والصور.

فالميسر هو: كل قمار فيه مراهنة، وقد قال بعض الفقهاء الميسر نوعان : ميسر لهو لا مال فيه، وميسر قمار، وهو ما فيه مال وهذا معروف عن مالك وابن تيمية وابن القيم وغيرهم، وعلى هذا فسم هذه العضوية ميسراً وسمها قماراً لأنها لعبة بين المسوق والشركة حيث يكون الرهان فيها دفع قيمة السلعة للحصول على الاشتراك فتدخل حلبة المنافسة وتخرج من الرهان وأنت خسران إلا ما شاء الله، حيث أخذت الشركة مالها وأنت ضيعت مالك، فهو رهان خاسر عند من خسر في هذا القمار، وليس كل من دخل خسر كما بيناه في فتوى سابقة.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال النبي عليه الصلاة والسلام: "من قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق" بمعنى يتصدق مطلقاً ولو بأقل مما أنفق تكفيرا لخطيئته.

ولا يشترط في القمار اللفظ الصريح "تعال أقامرك" بل قد يحصل بالفعل اتفاقاً.

ثالثاً: هذا الاشتراك في برنامج التسويق باب من أبواب الربا، وذلك لأن شراء من دخل بنية الاشتراك لربح النقاط إنما دفع مبلغ الشراء لأجل يحصل على عائدات مالية ولم يقصد الانتفاع بالسلعة، وقل من يشترك بالبرنامج لأجل شراء السلعة.

والربا هو: زيادة لأحد المتعاقدين، خالية عمّا يقابلها من العوض.

فلو قلنا للشركة لماذا أذنت لهذا المسوق بالاشتراك لقالت لنا لأنه دفع القيمة الالزامية للاشتراك ولن تقول لك الشركة لأنه اشترى، لماذا؟ لأن شراءه إلزامي لأجل أن يكون مشتركاً في البرنامج التسويقي، إذن دفع مائة للحصول على أكثر أو قد يحصل على أقل مما دفع فهو مشترك مرابي ، لأن الشركة ستقول له لن نعوضك بعد دفع القيمة الالزامية إلا بشرطين الشرط الأول أن تجلب أعضاء للشركة وكل عضو يلزمه دفع القيمة الالزامية سواء استفاد من المنتج أم لا، والشرط الثاني لو انتهت سنة سقطت عضويتك، لأنه يلزمك سنوياً أن تشترك وتدفع من جديد من خلال قيمة الاشتراك " الذي هو شراء المنتج" حتى وإن لم يكن لك حاجة به، فأنت في هذه الحالة وقعت في ربا الفضل والنسيئة ، لأنك تعاملت مع الشركة كمسوق من باب نقود بنقود، وصار هذا المنتج لدى الشركة مجرد وسيلة وحيلة لأجل جمع الأموال بأن لدينا منتجاً نبيعه، في الوقت نفسه هو غير مقصود لدى هذا العضو الذي كان غرضه العمولات لا الاستفادة من المنتج لكن لو اشتراه من غير البرنامج لكن الشراء شرعياً صحيحاً.

لذا فيحصل على أقل وهذا هو النقص أو على أكثر وهذه هي الزيادة من هذه المقامرة، وهذا هو الربا، وفي الحديث الصحيح عند البخاري قوله عليه الصلاة والسلام: "فمن زاد أو استزاد فقد أربا".

رابعاً: أن هناك مشاركين في برنامج الشركة من أكثر من جهاز إلكتروني بأكثر من اسم فقد يشترك شخص بأسماء كثيرة وهو الشخص نفسه، والغرض فقط هو الحصول على نقاط أكثر للحصول على مال أكثر بوجه غير شرعي ولا نزيه، وهذا كذب وغش وحيلة لأجل جمع المال بغير وجه شرعي.

خامساً: أن الاشتراك في هذا البرنامج يشتمل على جهالة وغرر حيث يغامر في شيء غير حقيقي، بل مجهول، وتكون العوائد محتملة، وهذا من الغرر الذي لا يجوز.

لأن الغرر احتمال أمرين أغلبهما أخوفهما، ولذا فالكثير من المشتركين يخسرون، لأنه غامر في أمر مجهول، وقد ورد في صحيح مسلم وغيره النهي عن الغرر.

فالشركة وضعت هذا النظام بطريقة غير شرعية، فصارت المخالفة منها ومن هذا العضو.

والحاصل: أن التعامل مع هذه الشركة من خلال برنامجها التسويقي لا يجوز، كما لا يجوز جلب مشتركين في برنامج الشركة التسويقي لأن مثل ذلك دعوة للميسر والقمار والربا والحيلة والغرر المحرم والسمسرة غير الشرعية، ويُعد جلب المشتركين من باب التعاون على الاثم والعدوان.

قال الله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان".

أما شراء البضاعة من هذه الشركة لكونها شركة تجارية بغرض الاستفادة من السلعة من غير اشتراك في عضوية برنامجها التسويقي ذات النقاط، فلا حرج من ذلك كما تقدم.

ولا أعني بالمنع عدم الحصول على نقاط الجعالة كما تفعله شركات السلع في العالم ومنها شركة بنده والعثيم والسدحان في السعودية، فهذه النقاط جعالة شرعية منهم إذا اشتريت السلعة للاستفادة منها أو للتصدق بها أو لهبتها لآخرين، فأنت مشتري ولست بمسوق، أما الشركة الماليزية فنظامها مختلف حيث أن النقاط تتعلق بعضوية سمسار مشترك، لا يحق له أن يكون مسوقاً إلا بشراء المنتج، فالصورة مختلفة، ولا يوجد في الاسلام سمسرة بإلزام السمسار(المسوق) بالشراء لأن السمسار في الشرع مجرد وسيط بين البائع والمشتري، فلا يكون مشترياً البتة إلا في هذه الشركة ومثيلاتها، وقد بينت ذلك في الفتوى، وبالله التوفيق.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام