هل يتقدم المسلم لطلب القضاء؟ وما هي مواصفات القاضي الشرعي؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س11: من هو القاضي الذي يصح اعتباره قاضيًا شرعيًا وهل يحق لمن يرى نفسه أنه صالح للقضاء أن يتقدم إلى المحاكم الشريعة بنية أن يتعين قاضيًا أفتونا وجزاكم الله خيرًا؟
ج11: أما القاضي المعتبر في الشريعة الإسلامية فكل من كان مجتهدًا متورعًا من أموال الناس عادلًا في القضية حاكمًا بالسوية فيخرج بذلك العامي والخائن والمرتشي والظالم وهلم جرًا فهؤلاء لا يصلحون للقضاء،
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه الأربعة عن بريدة قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: "القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار" ([1]).
ولا يقضي بين الناس بالحق والعدل إلا من كان عالمًا بأحكام الفروع والقضاء مجتهدًا متحريًا الصواب مدركًا قوله تعالى: "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ([2])شَنَآنُ ([3])قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"([4]).
ومدركًا قوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ([5])"([6]).
ونحوها من الآيات القرآنية, وعليه أن يحذر الرشوة فخطرها عظيم في الدنيا والآخرة، وقد جاء في المسند وجامع الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام الراشي والمرتشي في الحكم" ([7]) والحديث حسن.
وأما هل يجوز لمن رأى في نفسه الكفاءة أن يتقدم للقضاء فالجواب أن كثيراً من أهل العلم يرى أنه لا ينبغي التقدم لطلب القضاء لما جاء في الصحيحين من حديث عبدالرحمن بن سمرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: "لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعِنْت عليها" ([8]), لكن إن دعي الرجل إلى ذلك وهو أهل لها فحينها لا بأس أن يوافق، وقد يُفضل التقدم للقضاء في حالة ظهور الفساد العظيم كما هو الحال في عصرنا الحاضر، إذا كان الشخص أهلاً وورعاً، وفي وجوده خير وعدل ودفع ما خالف شرع الله، وبالله التوفيق.
([1]) أخرجه أبوداود في سننه [كتاب الأقضية, باب في القاضي يخطىء(2/322 حديث رقم 3573) ] من حديث ابن بريدة عن أبيه.
([2]) يحملنكم.
([3]) بغض وحقد واعتداء عليكم
([4]) سورة المائدة, الآية (8).
([5]) نعم شيئاً يعظكم به, أو نعم الشيء الذي يعظكم به.
([6]) سورة النساء, الآية (58).
([7]) أخرجه الترمذي في سننه [كتاب الأحكام, باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم(3/622 رقم 1336)] من حديث أبي هريرة.
([8]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب كفارات الأيمان, باب الكفارة قبل الحنث وبعده(6/2472 رقم 6343)], ومسلم في صحيحه [كتاب الأيمان, باب نذر من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه(3/1273 رقم 1652)] كلاهما من حديث عبد الرحمن بن سمرة.