حدود كلام الرجل الأجنبي مع المرأة الأجنبية
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س32: ما هي حدود كلام الرجل الأجنبي مع المرأة الأجنبية، وما هي أدلة ذلك؟
وهل نفس الأمر مع الخطيبين؟ أو هناك فرق؟ وما معنى الخضوع بالقول، وهل أن يبين الخطيب رغبته في خطيبته بكلام ليس فيه خضوع محرم؟ أفتونا مأجورين؟
ج32: يحل للرجل الأجنبي أن يكلم المرأة الأجنبية في كل ما يحتاجه إليه من المتاع الدنيوي كطلب الماء والأكل ونحوهما والأخروي كالفتيا بشرط أن يكون الكلام بقدر ما يفي الحاجة دون زيادة، ولا يتكلم معها إلا لحاجة لا بد منها، وأن يكون الكلام فيما هو مشروع أو مباح، لا يعارض أدلة الشرع، وأن يكون الحديث بوجود ساتر (حجاب) بينهما.
قال الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا ([1])فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"([2]).
والمتاع هنا عام في كل ما ينفع الشخص في دينه ودنياه.
ولذا ما زال الصحابة والتابعون يسألون نساء النبي عليه الصلاة والسلام عن الفتيا, ولم يعارضهم معارض من سلفنا الصالح " أهل القرون الثلاثة المفضلة" وهذا ظاهر في الأحاديث والآثار, فتلك تراجم النساء العالمات اللواتي يفتين في كثير من المسائل اللاتي تعرض عليهن من خلال من يسألهن من الأجنبي وغيره، وهذا محفوظ في كتب التراجم والآثار كما في المصنفات والمسانيد وغيرها من الكتب والأجزاء الحديثية المسندة.
والأمر نفسه بين الخطيبين، إلا أنه يحل للخطيب أن ينظر إلى خطيبته عند الخطبة فقط، فقد ثبت في حديث المغيرة بن شعبة أنه: خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم ([3])بينكما" ([4]).
والحديث أخرجه أحمد والأربعة إلا أبا داود وبمعناه جاء عن جابر.
وأما الخضوع بالقول في قوله تعالى: "يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ([5])فَلَا تَخْضَعْنَ ([6])بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ([7])وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا"([8]).
فمعناه تحريم ترقيق الكلام إذا خاطبت المرأة الرجال بدليل قوله تعالى: " فيطمع الذي في قلبه مرض" أي دغل, وبدليل قوله تعالى: "وقلن قولا معروفا" أي قولًا حسنًا جميلًا معروفًا في الخير, ليس فيه ترخيم بمعنى لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
ولا ينبغي أن يبين الخطيب رغبته في خطيبته بأي كلام إذا كانت البنت بكرًا، وعليه أن يأتي البيوت من أبوابها دفعًا للمفاسد، فإذا أعجب بها طلب من أقاربها النكاح فهذا أدعى للدين وأطهر للقلوب درءا للمفاسد وجلبًا للمصالح؛ وبالله التوفيق.
([1]) حاجة ومنفعة وما يستمتع به.
([2]) سورة الأحزاب, الآية (53).
([3]) تدوم المودة بينكما إذا نكحها.
([4]) أخرجه الترمذي في سننه [كتاب النكاح, باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة(3/397 رقم 1087)] من حديث المغيرة بن شعبة.
([5]) أطعتن الله والتزمتن حدوده.
([6]) لا تلن بالقول للرجال ولا ترققن الكلام.
([7]) فجوز وشهوة، وقيل نفاق.
([8]) سورة الأحزاب, الآية (32).