ما حكم القول بخليفة الله في أرضه
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س33: رعاكم الله هل يجوز أن يقال عن الخلفاء الراشدين أو الأنبياء أو غيرهم من البشر أنهم خلفاء الله في أرضه؟
ج33:آدم خليفة بنص الآية لكن لا يجوز بأن تقول انه خليفة الله في ارضه بمعنى لحاجة الله له ولا يجوز ان تقول الحاكم الفلاني خليفة الله في أرضه لأن الله هو الغني عن خلقه وهو الذي يحتاج إليه البشر, وكل خليفة في الأرض فهو ناقص ويحتاج إلى خليفة يخلفه في ماله وأهله وهلم جراً, وإذا قلنا بأن فلانًا من البشر خليفة الله فقد نسبنا شيئًا لله من غير دليل فهو سبحانه المهيمن والمحيط بكل شيء ولا يحتاج معينًا أو خليفة في أرضه.
وإنما الخليفة هو الذي يخلف غيره في شيء ما، سواء كان بشرًا أو جنًا أو بهيمةً أو نحوها من المخلوقات، والله لا يخلفه في ملكه وماله وكل مخلوقاته أحد من البشر.
ومما يدل على ذلك قوله تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا "([1]).
فالله هو الذي يستخلف بعض البشر نيابة عن بعضهم بفضله وكرمه حسب مصلحة الخليقة وحاجتها، وهو غني أن يجعل عبدًا مخلوقًا خليفة له يدير بعض شؤون ملك الله المطلق سواء في الأرض أو في السماء.
وقال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي ([2])مَا آتَاكُمْ، إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَاب،ِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ "([3]).
وقال جل شأنه: "ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ"([4]).
فخلفاء الأرض سواء كانوا أنبياء أو غيرهم لا يملكون لأنفسهم لا نفعًا ولا ضرًا، وإنما هم عبيد يحتاجون إلى الغني الكامل في صفاته وأفعاله، ولا يجوز أن تطلق مثل هذه العبارات، إذ الأصل ألا ننسب لله شيئًا لم ينسبه لنفسه ولم ينسبه له أنبياؤه أمنة شرعه؛ وأما حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا أحفظه، فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" فقد أخرجه ابن ماجه أحمد والحاكم عن ثوبان، وله شاهد عن ابن مسعود، والحديث حسن لشاهده، لكن زيادة "فإنه خليفة الله المهدي" منكرة، وقد أعله المناوي في "فيض القدير" فقال: نقل في "الميزان" عن أحمد وغيره تضعيفه، ثم قال الذهبي: أراه حديثا منكرا، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وستنكر الزيادة ابن تيمية، فقال في "الفتاوى" (2 / 461): وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي، أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله تعالى لا يجوز له خليفة، اهـ
ومثله حديث حذيفة عند أحمد وغيره: " فإن رأيت يومئذ خليفة الله، في الأرض فالزمه وإن نهك جسمك وأخذ مالك" لا يصح، وكذا حديث: "من أمر بمعروف، ونهى عن منكر؛ فهو خليفة الله في الأرض، وخليفة كتاب الله عز وجل، وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم "لا يصح وقد أخرجه عبد الغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وبالله التوفيق.
([1]) سورة النور, الآية (55).
([2]) ليختبركم.
([3]) سورة الأنعام, الآية (165).
([4]) سورة يونس, الآية (14).