هل الاستدلال بأن الله يغفر الذنوب جميعاً ماعدا الشرك مسوَّغٌ لفعل المعاصي؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س35: أحد الإخوة يعمل المعاصي وربما كبار المعاصي فإذا نصحه أحد قال : إن الله يغفر كل الذنوب ما عدا الشرك واستدل بقوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ([1])ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ"([2]) فما توجيهكم حفظكم الله ؟
ج35: هذا على خطر عظيم، فما يدريه أنه ممن شاء الله له المغفرة؟!! ربما أنه ممن لم يشأ له ذلك، لذا ينبغي عليه أن يتقي الله، وألا يأمن مكر الله.
قال سبحانه وتعالى: "أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّه،ِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"([3]).
فإصراره على المعاصي وأمنه مكر الله لا يبشر إلا بالشّر إلا أن يتوب إلى الله ويستغفر ربه, ما لم فإنه عاص لله ولرسوله، ومطيع لنفسه الأمارة بالسوء ولشيطانه الذي اتخذه وليًا من دون الله بسبب اصراره على الذنوب.
قال تعالى: "وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ، فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ([4])" ([5]).
فيا سبحان الله كيف يأمن على نفسه من عذاب الله ووعيده, ونبينا وهو الصادق المصدوق الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لا يأمن على نفسه من عقاب الله، وهو الذي يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: "لن يُدْخِل أحدًا عمله الجنة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: "لا ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا ([6])وقاربوا ([7])" ([8]) فننصح هذا الشخص بالتوبة الصادقة النصوح.
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى ([9]) بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ([10])وبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ([11])وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ([12]), أسأل الله أن يرحمنا برحمته، وبالله التوفيق.
([1]) غير.
([2]) سورة النساء, الآية (48).
([3]) سورة الأعراف, الآية (99).
([4]) ظاهراً.
([5]) سورة النساء, الآية (119).
([6]) اطلبوا السداد أي الصواب قدر استطاعتكم، أو بالغوا في التصويب من سدد الرجل إذا صار ذا سداد، وسد في رميته إذا بالغ في تصويبها وإصابتها.
([7]) أقربوا منه.
([8]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب المرضى, باب نهي تمني المريض الموت(5 / 2147 رقم 5349)], ومسلم في صحيحه [كتاب صفات المنافقين وأحكامهم, باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى(4 / 2169 رقم 2816)] كلاهما من حديث أبي هريرة, واللفظ للبخاري.
([9]) يمتد وينتشر.
([10]) أمامهم.
([11]) أدمه أو زده.
([12]) سورة التحريم, الآية (8).