الضوابط الشرعية لوجود الخادمة في المنزل
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س43: أنا متزوج وأعيش في بيت والدي ولكن عمي وهو أبو زوجتي أصر علي أن يأتي بخادمه من أجل بنته وأنا رافض لأني سمعت أنه لا يجوز ذلك، أرجو أن تجيبوني مع ذكر الأدلة في هذه المسألة وجزاكم الله خيرًا؟
ج43: شكر الله لك إصرارك على رفض دخول الخادمة إلى منزلك بناءًا على ما سمعت من الحكم الشرعي وكتب الله أجرك على نيتك.
فدخول الخادمة أولًا إلى الدولة لا يجوز إلا بضابط الشرع وهو أن تدخل من بلدها مع وجود محرمها، فإذا جاء محرمها معها فلا بد من العلم أن دخولها على أجنبي لا يحل لها في غرفة البيت إن كان وحده, فإن الخادمة تقدم الطعام للرجال وتدخل الغرف وأماكن الأجانب في منزل عملها، وقد يدخل عليها الرجل أو يخاطبها أو يطلب منها شيئًا وهو أجنبي من غير حاجة وما إلى ذلك مما هو داخل ضمن وظيفتها في المنزل, ومثل ذلك لا يجوز إلا بضوابط الشرع التي أذنت بها الشريعة.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم"([1]).
وعندهما أيضًا عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ([2]).
قال: "الحمو الموت ([3])"([4]).
وقال تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا ([5])فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ"([6]).
وإذا طلب منها شيئاً دون أن ينظر إليها فلا بأس لأنه قد غض البصر، ومثله دون أن تدخل عليه منفرداً لأن الدخول عليه أو عليها منفرداً لا يحل كما تقدم، وأما وجوب غض البصر فلقوله تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا ([7])مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ ([8])"([9])، وأيضاً لا يحل لها أن تنظر إليه لقوله تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ"([10])
ثم أكد ذلك بقوله تعالى: "ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ".
أما حديث عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا "وأشار إلى وجهه وكفيه"([11]).
فقد أخرجه أبو داود في سننه بإسناد ضعيف، وقال أبو داود في سننه: هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها, وبالله التوفيق .
فيا سبحان الله كيف بالذي يحدثها وينظر إليها ويطلب منها ما شاء من غير ساتر وكأنها من محارمه.
وما بال كثير من المسلمين اليوم غضوا الطرف عن كثير من أدلة الشرع وتتبعوا أعداء الله في عاداتهم وتقاليدهم, وبالله التوفيق.
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب جزاء الصيد, باب حج النساء(7/117 رقم 1862)], ومسلم في صحيحة [كتاب الحج, باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره(8/436 رقم 3336)] كلاهما من حديث ابن عباس, واللفظ للبخاري.
([2]) أَقَارب الزوج البالغين الرجال غير آبائه وأَبنائه.
([3]) مبالغة في الزجر عنه.
([4]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب النكاح, باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة(17/365 رقم5232)], ومسلم في صحيحه [كتاب السلام, باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها(14/349 رقم 5803)] كلاهما من حديث عقبة بن عامر.
([5]) حاجة وشيئًا مباحاً ينتفع به ويستمتع به.
([6]) سورة الأحزاب, الآية (53).
([7]) يكفوا النظر ويطبقوا جفونهم على أعينهم عما لا يحل.
([8]) اطيب وأطهر وأنمى.
([9]) سورة النور: الآية (30).
([10]) سورة النور, الآية (31).
([11]) أخرجه أبوداود في سننه [كتاب اللباس, باب فيما تبدي المرأة من زينتها(2/460 رقم 4104)] من حديث أم المؤمنين عائشة.