حكم إسقاط الحمل "الاجهاض"
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س49: هل يجوز لزوجتي أن تسقط الحمل وذلك لأسباب مرضية خطيرة بسبب الحمل؟
ج49: الأصل المنع، فلا يجوز إسقاط الحمل أو اجهاضه بأدوية أو حركة جسدية أو عملية في مختلف أطواره إلا بشرطين:
الأول: أن يكون الحمل قبل تمام الأربعة أشهر.
الثاني: أن يكون الطبيب معتبرًا في كون الحمل يعرض المرأة للخطورة القصوى فلا مانع من الإسقاط بوجود هذين الشرطين معًا.
فأما الشرط الأول وهو: أن يكون الحمل قبل تمام الأربعة أشهر فلكونه قبل نفخ الملك في روحه ليكون إنسانًا لحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - كما في الصحيحين قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون علقة ([1]) مثله ثم يكون مضغة ([2]) مثل ذلك ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع كلمات, ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح" ([3]) .
وقد أجمع العلماء على حرمة اسقاطه بعد تمام الأربعة أشهر، نقله الدردير في "الشرح الكبير" (2/266) وقال: "وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا"اهـ
وأما الشرط الثاني فدفعًا لمفسدة أكبر من باب قوله تعالى: "وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" ([4]).
ولا يكون هذا الشرط معتبرًا إلا بشهادة الطبيب الأمين الذي يُوثق بتقريره في كون الحمل يعرض المرأة للخطورة القصوى.
وعند تخلف شرط من هذين الشرطين فلا يجوز الإسقاط بأي حال من الأحوال كخشية الفقر أو العجز عن التربية أو الخوف من مستقبلهم أو الاكتفاء بمن هو موجود ونحوها من الاسباب غير المسوغة شرعاً للإسقاط قل تمام الاربعة أشهر.
وعليه فلا يجوز الإسقاط عند تمام الأربعة أشهر أو بعدها إجماعاً كما تقدم، حتى وإن قالوا سيلد الجنين معاقاً وكذا لو قالوا وجود الحمل يمثل خطرًا على المرأة لأن هذا من قبيل قتل النفس التي حرم الله، وذلك لكون الجنين قد تكوَّن ونفخ فيه الروح؛ لكنه يُستثنى من كل ما سبق: ما لو مات الجنين في بطن أمه بموجب تقرير موثق، وبقاء هذا الجنين الميت يمثل خطراً على حياة الأم فلا بأس بعملية لإخراجه، وبالله التوفيق.
([1]) دمًا غليظًا جامدًا سمي بذلك للرطوبة التي فيه وتعلقه بما مر بها.
([2]) قطعة لحم قدر ما يمضغ.
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب بدء الخلق, باب ذكر الملائكة(3 / 1174 رقم 3036)], ومسلم في صحيحه [كتاب القدر, باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته( 4/ 2036 رقم 2643)] كلاهما من حديث عبدالله بن مسعود
([4]) سورة البقرة, الآية (195).