هل خبر الثقة في الرواية يقبل على الإطلاق؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س57: هل خبر الثقة في الراوية يقبل على الإطلاق ؟
ج57: خبر الثقة الأمين مقبول عند عامة المحدثين لكن لا يعني أنه لا يصح في حقه الخطأ, فكل ثقة بشر يصيب ويخطيء لا خلاف بين المحدثين في ذلك.
ولكن لا يصح الخطأ في خبر الثقة إلا بأحد ثلاثة أوجه: إما أن يثبت خطأ الراوي أو اعترافه بأنه أخطأ فيه هذا الأول، والثاني بشهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راويه فوهم فيه فلان.
والثالث: بأن توجب المشاهدة بأنه أخطأ.
هكذا تقرر في علم المصطلح من خلال النظر في جملة أقوال المحدثين.
فالراوي قد يخطئ لا محالة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في لسان الميزان عن أبي زرعة أنه قال: دخلت البصرة فصرت إلى سليمان الشاذكوني يوم الجمعة وهو يحدث، فقال حدثنا يزيد بن زريع عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر حديث: "ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد: , فقلت للمستملي ليس هو من حديث عاصم إنما رواه محمد بن إبراهيم فقال له: فرجع إلى قولي ([1])
ومما أذكره في هذا المقام: ما جاء عن أبي بكر بن خلاد عن يحيى بن سعيد قال: كنت إذا أخطأت قال لي الثوري أخطأت يا يحيى، قال فحدث يوماً عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر بحديث: "الشرب في آنية الذهب والفضة", فقلت: أخطأت يا أبا عبد الله، هذا أهون عليك إنما ثنا عبيد الله عن نافع عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أم سلمة فقال لي صدقت ([2])
فهؤلاء ثقات عدول ومع ذلك وقع الخطأ منهم ولو تتبع الرجل أمثلة ذلك لو وجد مئات الشواهد في هذا الباب.
ولكن الأصل في نقل الثقة الثبوت والعدالة ولا يعدل عنه إلى الخطأ إلا بقرينة؛ وبالله التوفيق.
([1]) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني, لسان الميزان, المحقق: عبد الفتاح أبوغدة, مكتب المطبوعات الاسلامية,(1/454).
([2]) أحمد بن علي بن حجر أبوالفضل العسقلاني الشافعي, تهذيب التهذيب, (11/191), مصدر سابق.