الاستدلال في الشرائع بالعقل المحض لا يجوز بإجماع الأمة
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س59: يتعلم الطلاب في بعض المدارس والجامعات, الاستدلال بالدليل النقلي ثم الدليل العقلي, هل هذه الطريقة في الاستدلال طيبة أم مذمومة أم هناك تفصيل أفيدونا مأجورين ؟
ج59: الاستدلال النقلي ويقال له السمعي هو الاستدلال بالكتاب والسنة وهو الأصل الشرعي عند التنازع، وأما الاستدلال بدليل العقل كشاهد واقعي فهذا لا بأس به فاعمال العقل في المواضع التي لا تتصادم مع الشرع مطلوب، لكن لا يكون العقل حجة في المسائل الشرعية بإجماع علماء المسلمين، لأن العقل لا يستطيع أن يدرك الأحكام الشرعية، فلو أن العقل ينطق وسألناه ما الحكمة أن صلاة الظهر أربع ركعات والفجر ركعتان؟ وما الحكمة أن الطيور تطير والإنسان لا يطير؟ لما استطاع أن يقنعنا بجواب، ولكن لما كان الشرع حكم الله ورسوله لزم فيه السمع والطاعة المطلقة واستحق أن يكون دليلًا قطعيًا واجب الايمان به مع لزوم العمل وفق ما أراده وأحبه الله ورسوله دون اعتراض, فيُستشهد بالدليل العقلي ويستأنس به بشرط ألا يخالف النقل وأن يخضع للدليل النقلي، أما الاستدلال في الشرائع بالعقل المحض فلا يجوز بإجماع الأمة.
إلا أنه يجوز للعالم البصير أن يحتج بدليل العقل على الملحد أو غيره من الكفرة ممن لا يؤمن بالكتاب والسنة عله يؤمن، فإذا آمن لزم ربطه بدليل النقل ليس غير، وللعالم الأصولي أيضاً استعمال العقل في ضبط قواعد الأصول الكلامية التي تخضع للكتاب والسنة، وهكذا في الاختراعات وكل ما فيه منفعة دينية أو دنيوية لا تتصادم مع أدلة الشرع، لأن للعقل حدًا ينتهي إليه، فحده محصور في المرئيات والمسموعات والمذوقات والمشمومات والملموسات والوجدانيات الداخلة في النفس فلا يستطيع أن يعلم الغيب أو أن يشرع الشرائع، وهذه حقائق يلزم على الإخوة الأساتذة في الجامعات والمدارس أن يرشدوا الطلاب إليها، وأن يشعروهم أن العقل قاصر، وأن النقل دين كامل سماوي لا يتناقض ولا يعتريه القصور، وأنه لا يجوز الاستدلال المطلق بدليل العقل، وإنما يجوز الاستشهاد به تحت قيود لا تخالف الشرع؛ وبالله التوفيق.