حقيقة الاجتهاد، وهل هو محصور على المجتهد العالم؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س66: ما هي حقيقة الاجتهاد؟ وهل للعامي اجتهاد خاص فيه، وكذلك لطالب العلم أم أن الاجتهاد محصور على المجتهد العالم؟
ج66: الاجتهاد عند أهل الشرع من الأصوليين هو: استفراغ الوسع وبذل المجهود في طلب الحكم الشرعي.
وشروطه قسمان:
القسم الأول: شروط عامة وهي الإسلام والبلوغ والعقل، وتسمى شروط التكليف.
القسم الثاني: خاصة وتتعلق بالمجتهد وهي:
الشرط الأول: أن يكون عالماً كبير القدر بحيث يصح في حقه الاجتهاد للتوصل إلى الحكم الشرعي، المتعلق بمعرفة عامة الأحكام الفرعية الواردة في الكتاب والسنة.
الشرط الثاني: أن يكون ذا معرفة باللغة والتفسير وأصول الفقه ونحو ذلك من علوم الآلة، وعارفاً بمواضع الإجماع والبراءة الأصلية ومعرفة مقاصد الشريعة والقواعد الكلية.
الشرط الثالث: أن يثبت في حقه وصف عدالة المجتهد وصلاحه.
الشرط الرابع: أن يكون جيداً في طريقة استدلاله مع وسلامة المسلك، وفقه واقع المسألة أو الحادثة الطارئة وزمانها.
الشرط الخامس: أن يكون ورعًا عفيفًا، رصين الفكر، جيد الملاحظة، قاصدًا من ذلك كله التوصل إلى الحق في المسألة.
فإذا توفرت فيه هذه الشروط صح حينها أن نطلق عليه مسمى الاجتهاد الشرعي، لكن العامي وطالب العلم غير المتأهل بهذه الشروط لا يقبل منه الاجتهاد مطلقًا ويلزمه أن يفتي بما علم وما دون ذلك من المسائل العارضة فيلزمه عرضها على أئمة الدين في عصره, فالاجتهاد خاص بالعلماء الكبار ليس غير، هذا ما عليه علماء الأمة من أهل الأصول والفقه والحديث في القديم والحديث، لكن قد يقع شخص ما في قضية طارئة وهو عامي متدين أو طالب علم صغير وليس لديه وقت للسؤال، فيجتهد في الحكم متوخياً الحق قدر استطاعته وحسب ما توفر لديه من العلم، ثم يسأل عند إمكانية السؤال حول ما حصل معه وما اجتهد فيه، فهذا اجتهاد طارئ مقيد لا بأس به عند الضرورة أو الحاجة التي لا بد منها، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم"، فكل واحد اجتهد لأن وقته لا يسعفه للسؤال، ثم لما التقوا برسول الله عليه الصلاة والسلام سألوه بعد حصول الاجتهاد فلم يعنف على أحد رغم أن النبي عليه الصلاة والسلام قصد منهم الاسراع، ولذا من صلى منهم قبل خروج وقت الصلاة فقد أصاب السنة.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.