حكم الحلف بـ (وحق آيات الله)، وماذا على الحالف بها لو حنث؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س73: هناك من حلف بهذه الجملة (وحق آيات الله) هل هذا الحلف جائز وماذا لو حنث؟ أفيدونا بارك الله فيكم .
ج73: وحق آيات الله معناه القسم بحقها وحقها، هو لزوم الإيمان بما جاء فيها إن كانت قرآنًا أو الاعتراف بملكيتها لله إن كانت كونية، فالسماء آية والأرض آية والنجم آية ونحوها وكلها من آيات الله .
ومن ذلك قول القائل:
وفي كل شيء له أية تدل على أنه الواحدُ
وبهذا نزل القرآن كما قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"([1]) .
فلو أقسم الشخص بآيات الله وقصد بها آيات القرآن جاز له ذلك لأن القرآن كلام الله فهو قسم بصفة من صفاته, ولو أقسم بآيات الله وقصد بها الشمس أو السماء أو ما أشبه ذلك من مخلوقات الله فقد وقع في الشرك لأنه أقسم بغير الله, ولا يجوز له أن يقسم إلا بالله أو بصفاته الذاتية، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله وإلا فليصمت"([2]).
وأما صفاته الذاتية فدليل الجواز ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر قال: "كثيرًا مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف" لا ومقلب القلوب"([3]).
وقول السائل وحق آيات الله قسم لكنه قسم بغير الله وبغير صفاته الذاتية لأنه بمعنى القسم فيما يلزم من الإيمان به نحو هذه الصفات وليس قسمًا بصفات الذات إذا لم يكن يقصد بذلك آيات القرآن المتضمنة صفة المتكلم وهو الله جلا علا, وبهذا فصاحب هذا القسم قد وقع في الشرك الأصغر ولا يلزمه الكفارة في مثل ذلك إن حنث الشخص لأنها معصية محضة يجب فيها التوبة والاستغفار بمجرد لفظها، وقد يقول قائل أليس القسم بغير الله شركاً أكبر، فالجواب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بعض أصحابه كعمر وغيره حلفوا بغير الله كما في الصحيحين وغيرهما, فنهاهم وزجرهم, وعلمهم أن يحلفوا بالله ولم يقل لهم قد وقعتم في الكفر، لكن لو أن شخصاً حلف بغير الله معتقداً جواز الشرك بالله أو تعظيم المحلوف به من دون الله فقد وقع في الكفر ووقع في الشرك الأكبر، وبالله التوفيق.
([1]) سورة فصلت, الآية (37).
([2]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الأدب, باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا(5/2265 رقم 5757)], ومسلم في صحيحه [كتاب الأيمان, باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى(2/1266 رقم 1646)] كلاهما من حديث عمر بن الخطاب.
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب القدر, باب يحول بين المرء وقلبه(22/40 رقم 6617)] عن ابن عمر.