حكم شراء السيارات والسلع بواسطة البنوك والشركات إذا خلا البيع من الربا، مع بيان حكم التوكيل
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س75: أريد أن اشتري سيارة من نوع(نيسان) عن طريق بنك الراجحي ولكن هذا النوع من السيارات لا يوجد لدى الراجحي لذلك سأذهب إلى شركة نيسان حيث يوجد لديها هذا النوع من السيارات وبعد أن أشاهد السيارة التي أريدها تقوم الشركة بإعطائي نموذجًا لأكتب فيه مواصفات هذه السيارة ومن ثم أقوم بإعطاء هذا النموذج لشركة الراجحي والذي على ضوئه تقوم الشركة بشراء هذه السيارة ومن ثم تبيعها لي.
ما حكم هذه العملية مع التوضيح؟
2- هل لا بد أولا أن أشاهد السيارة وأتأكد من شرائهم لها لكي يتم التفاوض معهم؟
3-ما الحكم لو فوضت أخي للقيام بجميع إجراءات الشراء؟
وجزاكم الله خيرا وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
ج75: يشترط في البيع شرطان:
الأول: التراضي بين الطرفين المشتري والبائع عملًا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ"([1]).
الثاني: أن يكون البائع مالكًا للسلعة التي يرغب في بيعها لما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتاع ([2]) طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه"([3]).
وعندهما عن ابن عباس بنحوه مرفوعاً، وقال ابن عباس: "وأحسب كل شيء مثله".
فإذا كانت شركة الراجحي بالفعل قد اشترت هذه السيارة وقبضتها وصارت ملكًا لها جاز لك أن تشتري منها هذه السيارة بالسعر الذي تتفق معها فيه بشرط ألا يكون بينكما عقد مبرم في الشراء قبل أن تشتري شركة الراجحي هذه السيارة من وكالة نيسان، إذ حصول ذلك يمنع من صحة البيع لأنه إن وجد عقد بيع قبل أن تشتري شركة الراجحي السيارة من الوكالة معناه أنك اشتريت من شركة الراجحي شيئًا ليس ملكها، وإذا لم يتم هناك عقد ولا التزام بالبيع، صح البيع بين الطرفين أي بينك وبين شركة الراجحي التي امتلكت السيارة وقبضتها فعلاً، كما يجب عليك مشاهدة السيارة التي ترغب في شرائها لكن اللزوم هنا أن تنظرها وهي في حوزة من يبيعها لك وهي شركة الراجحي، وأما وكالة نيسان فأنت بالتخيير إذ النظر إليها من المشتري الحقيقي لازم دفعا للغرر أي الجهالة لكون النبي عليه الصلاة والسلام حرم بيع الغرر لما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر"([4]).
ولك الأحقية في تفويض أخيك لإجراء عملية الشراء لكون ذلك من الوكالة، والوكالة مشروعة وجائزة باتفاق علماء الأمة لما أخرجه مسلم وغيره عن أبي رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بَكْرًا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًا, فقال: "أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء"([5]).
وأما حكم بيع التقسيط عبر البنوك والشركات، فسيأتي الكلام عليه في المسألة القادمة بإذن الله، وقد بسطتها في كتابي المنتقى (فتوى رقم 128، طبعة دار اللؤلؤة).
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وبالله التوفيق.
([1]) سورة النساء, الآية (29).
([2]) اشترى.
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب البيوع, باب ما يذكر في بيع الطعام والْحُكْرَة(8/66 رقم 2133)], ومسلم في صحيحه [كتاب البيوع, باب بطلان بيع المبيع قبل القبض(10/119 رقم 3922)] كلاهما من حديث ابن عمر.
([4]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب البيوع, باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر(10/72 رقم 3881)] من حديث أبي هريرة.
([5]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب المساقاة, باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه و « خيركم أحسنكم قضاء »(10/425 رقم 4192)] من حديث أبي رافع.