اللقاء السابع كيف يمكننا مناظرة العلماني وحواره بطريقة راقية؟(7) حلقة حول النظام الإسلامي والحكام في العصر الحديث
(ضمن سلسلة العلمانية والعلمانيون .. حقائق يجهلها كثير من المسلمين)
الحلقة رقم (15)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
قد يقول لك علماني أو مثقف عنده شبهة علمانية : أنتم تنادون إلى ارساء النظام الإسلامي كنظام حاكم يحكم المسلمين اليوم كما فعل الرسول في حكومته في عهده، وتبعه على هذا النظام الخلفاء الراشدون الأربعة في حكوماتهم الإسلامية، ومثلهم حكام دولة بني أمية ودولة بني العباس ودولة صلاح الدين الأيوبي وقطز والظاهر بيبرس، وغيرهم وإن كان قد طرأ في بعض هذه الحكومات مبدأ التوارث مع بقاء النظام الإسلامي من حيث أحكام الشريعة، لكن هل الحكام العرب اليوم يطبقون شرع الله في بلدانهم، وهل ساعدت هذه الأنظمة على الرفع من الدين الإسلامي وتعزيز مكانته الروحية والقداسية بين المسلمين ؟ بحيث ينعكس ذلك أمام الرأي المحلي والعالمي الى سماحة وعدل الإسلام ؟ اين يوجد الدين الإسلامي الحقيقي كممارسة وواقع في الدول العربية؟ بل بعض الحكام قد يذيق شعوبه ويلات الذل والهوان والفقر والجهل، فكيف الحل غير العلمانية؟ هل نعتذر لهم بالضغوط الدولية، ونسكت ثم نسبح لهم بكرة وأصيلا دون حل لهذه المعضلة؟!
والجواب:
أولاً: نقول لهذا الشخص مهما نقدت الأنظمة العربية فلن تكون العلمانية هي العلاج، لأن بعض هذه الأنظمة علمانية، فكيف تحارب دولاً علمانية فشلت بسبب الحكم العلماني لتجدد الفشل من جديد بالدعوة إلى العلمانية نفسها ؟؟؟؟؟!، هذا تناقض وسذاجة وتلبيس وضحك على العوام والمساكين من العرب والمسلمين، ثم هناك دول علمانية غير عربية تنتسب للإسلام وبعضها غير اسلامية، وهي تذيق شعوبها الفقر والذل والهوان، ومشهورة بالاستبداد والفساد الإداري والعنصرية والطائفية، وقد سميت لكم في اللقاء السابق بعض هذه الدول، فلا تتباكوا أيها العلمانيون من ناركم ثم تدعوا للنار نفسها بطرق ملتوية، فهناك مثقفون وعقلاء يميزون تلبيساتكم وشرركم على العباد والبلاد.
ثانياً : يجب على حكام العرب المسلمين أن يحكموا بكتاب الله وسنة رسوله وذلك بإرساء النظام الاسلامي في دولهم كنظام للدولة، فإنه لا عذر لهم غداً عند الله، ولا عذر لهم اليوم أمام الخلق، فإن الخلق شهود في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
ثالثاً : نعم هناك ضغوط دولية على حكام العرب في منع النظام الاسلامي بكافة إشكاله، لكن يجب على الحكام أن يدفعوا ذلك ما أمكنهم، وخصوصاً عند تزاحم المصالح والمفاسد نظراً لضعف المسلمين وضعف دولهم.
ثالثاً : لا يقول حكام العرب ولا غيرهم أن الأنظمة العربية والاسلامية اليوم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية كما وردت في الكتاب والسنة، لكن الواجب على العلماء والحكماء والوجهاء والسياسيين العقلاء مناصحة الحكام بالحكمة، والدعاء للوالي بظهر الغيب أن يصلح الله حاله وحال العباد والبلاد، أما كثرة النقد الذي يؤدي إلى فتنة أعظم ويتسبب في الافساد وزيادة المشاكل التي تعيدنا إلى أحضان الغرب والاحتكام لهم في مشاكلنا، فهذا لو كان علاجاً شرعياً ومجدياً لكان الحكماء والعلماء والعقلاء أسبق له من العوام وقادات الأحزاب السياسية، فإن النصيحة تعني نفع الناس لإزالة الشر أو تخفيفه لا لأجل زيادة الشر والفتنة وضياع الدين والوطن والشعب والمال بسبب زوبعة طائشة تضر ولا تنفع، وقد كررنا مراراً، وقلنا " القاعدة الشرعية المجمع عليها : (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه)، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين" لكن من يسمع لك؟!!! صار العوام والعملاء والأجندة التي تعمل مع العدو هي الجهة التي تريد أن تعلم العلماء والحكماء والعقلاء الصواب من الخطأ، وكما تعلمون: "فاقد الشئ لا يعطيه".
وقد قلت مراراً أيضاً : إن كل مسلم ومسلمة معرضون للابتلاء والتحميص والفتنة، وأعظم الابتلاء ابتلاء الإنسان في دينه ونفسه وماله ووطنه، والموفق من خرج من هذه الفتن كلها سليماً معافى وفق ما أحبه الله ورضيه، ولسنا محاميين عن الخطأ والمخطئ سواء كان حاكماً أو محكوماً، فالواجب النصيحة للحكام بالتي هي أحسن والتلطف معهم بما يدفع هذه الشرور والأخطاء ما أمكن، فإن الأعداء يتربصون بنا وبأوطاننا الدوائر، ويرجون ويأملون أن يتصادم المسلمون مع حكامهم لأجل إضعاف شوكة المسلمين، وحتى ينشغل المسلمون بمشاكلهم الداخلية كي لا تقوم للمسلمين قائمة، وكي نرجع ونتحكم إليهم من خلال مجلس الأمن الدولي، والواقع أكبر برهان، فإن مشاكل الحاكم مع شعبه اليوم ردتنا إلى أحضان الأعداء وتسببت هذه الفتن والمشاكل في جلب منكرات أعظم مما كانت عليه سابقاً، فزاد فينا الفقر والجوع والذل والهوان، وصرنا أضعف وأسوأ حالاً من السابق.
إخواني المسلمين: كونوا حكماء أطباء لأمتكم، ولا تكونوا سبباً في زيادة المرض وتوسيع جراحه حتى لا تكونوا لقمة سائغة لعدوكم.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم، وهناك خطوات ومناقشات أخرى سأذكرها إن شاء الله من خلال لقاءات قادمة حتى لا أطيل عليكم.