الثلاثاء 5 ربيع الآخر 1446 هـ || الموافق 8 أكتوبر 2024 م


قائمة الأقسام   ||    العلمانية والعلمانيون .. حقائق يجهلها كثير من المسلمين    ||    عدد المشاهدات: 6389

اللقاء الثامن كيف يمكننا مناظرة العلماني وحواره بطريقة راقية؟(8) حلقة حول النظام الإسلامي ومواكبته للعصر

(ضمن سلسلة العلمانية والعلمانيون .. حقائق يجهلها كثير من المسلمين)
الحلقة رقم (16)

بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني


قد يقول لك علماني أو مثقف عنده شبهة: الدين الإسلامي يمنع من التقدم والتطور ودراسة علوم الدنيا وإعمار الأرض ومواكبة العصر لأنه عبارة عن تشريعات تعبدية فقط.

والرد عليه: أن الاسلام دين ودولة كما تقدم في الحلقات السابقة مفصلاً، وهذا يغنينا عن التكرار.

وأما أنه يمنع من التقدم والتطور ومواكبة العصر، ويمنع من دراسة علوم الدنيا وإعمار الأرض فهذا كذب وهو خلاف الواقع، وخلاف التاريخ الإسلامي القديم والحديث.

وقد بسطت الرد على هذه الشبهة سابقاً من خلال سلسلة مقالاتي التي بعنوان: "دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية"، وخلاصة ذلك : أن الغرب والشرق أخذوا أسس العلوم من العرب وعموم المسلمين وطبقوها واجتهدوا وسبقونا في العصر الحديث لأننا لم نستمر في البحث العلمي كما كان أجدادنا، بل اكتفينا بمدح أجدادنا وما كانوا عليه وانشغلنا بأنفسنا وتحزبنا، وخدعتنا الأنظمة الغربية المستوردة التي يلهث بعضنا وراءها وتركنا العلوم ودراستها وتطويرها، وتركنا ديننا الذي فيه عزنا، وانجرفنا وراء أنظمتهم الديمقراطية والفاشية والاشتراكية ونحوها فأذلنا الله، لأن من ابتغى العزة في غير النظام الإسلامي وهو يقول إنه مسلم فقد أذله الله وابتلاه حتى يراجع دينه.

يقول الدكتور حسين مؤنس رحمه الله: "كان هؤلاء النخبة من الأعلام يمثلون جل العالم المتحضر على وجه الأرض كان منهم فلكيون وصيادلة وأطباء .. وأدباء وعلماء طبيعة ورياضيون أمثال الخوارزمي والكندي و المتنبي والرازي وابن يونس وابن رشد وسيبويه والخيام، وأما ابن الهيثم البصري المولد فقد وصفه الكاتب الأمريكي المعاصر ميشيل هاملتون مورغان بأنشتاين زمانه لأنه اكتشف نظريات علمية ساعدت كل من كوبرنيكوس ونيوتن من تحقيق أهدافهم العلمية بعد ستمائة سنة"([1])، وكتاب القانون في الطب لابن سينا([2]) الغني عن التعريف حيث اعتِمد عليه كمرجع أساسي لدراسة الطب في الجامعات الأوروبية طيلة خمسمائة سنه"([3]).

ويعلق المؤرخ جورج سارتن: "إنه اذا ما أنكر جاحد قيمة ما أنتجه المسلمون العرب من معارف في ذلك العصر، فأذكر لهم أسماء هؤلاء الأعلام "([4]).اهـ

ولا يوجد عالم من أئمة الإسلام منع من دراسة العلوم العصرية المفيدة سواء جاءت من الغربيين الكفرة أو من غيرهم، فهذه العلوم طالما لا تتصادم مع شرع الله المطهر فالأخذ بها ودراستها من التقدم وبناء الدولة الحديثة وفق النظام الاسلامي.

وقد أخبر الله عن حال غير المسلمين قبل أن يخلق هؤلاء العصريين فقال سبحانه: "يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون".

هناك دراسات أكاديمية نظرية وعملية لا دخل لها بالأنظمة الديمقراطية والعلمانية تجعلك تنافس الغرب في تطورهم، بل وتتقدم عليهم وتسابقهم في كافة المجالات، والنظام الإسلامي لا يمنع من دراستها مثل تخصصات الطب البشري، والتخصصات العسكرية والأمن وتشمل (علوم عسكرية. علوم جنائية. علوم أمنية وغيرها) وتخصصات طيران وتشمل (الطيران المدني وعلومه .الطيران العسكري وعلومه. إدارة الخطوط. استراتيجيات جوية . إدارة المطارات وغيرها) وتخصصات الهندسة والتكنولوجيا وتشمل ( هندسة مدنية. هندسة معمارية. عمارة. هندسة المساحة. هندسة بيئية. هندسة ميكانيكية. هندسة كهربائية. هندسة إلكترونية. هندسة اتصالات. تخطيط المدن والأقاليم. هندسة معادن. هندسة الوقاية من الإشعاع. هندسة نووية. هندسة النفط. هندسة الطيران. هندسة أجهزة طبية. هندسة الحاسب الآلي. هندسة أنظمة تحكم. هندسة برمجيات الحاسب. علوم الحاسب الآلي. تقنية المعلومات. لغويات حاسوبية هندسة كيميائية. هندسة صناعية التي تعرف بهندسة نظم. هندسة الميكاترونيكس. عمارة البيئة. هندسة حرارية وتحلية المياه وغيرها) وتخصصات متعلقة بالعلوم النظرية وتشمل (رياضيات. أحياء فيزياء. كيمياء عامة . كيمياء حيوية. كيمياء صناعية. فيزياء الأرض وغيرها) وتخصصات متعلقة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية وتشمل : (مكتبات ومعلومات . علم النفس . علم الاجتماع. خدمة اجتماعية. آثار ومتاحف. تاريخ. جغرافيا. علوم سياسية. شريعة وقانون. علم الإنسان المسمى بـ الأنثروبولوجيا. علاقات دولية وغيرها)، وتخصصات متعلقة بالعلوم المالية والإدارية وتشمل : ( اقتصاد. إدارة الأعمال. إدارة عامة. مالية. محاسبة . نظم المعلومات. تأمين وعلوم اكتواري. تسويق. إدارة دولية . موارد بشرية . إدارة السكن والمؤسسات. علاقات عامة. نظم جودة نوعية. أساليب كمية. دراسات مصرفية وغيرها) وتخصصات متعلقة بالزراعة والبيئة وتشمل ( إنتاج حيواني. هندسة زراعية. زراعة المناطق الجافة . أرصاد جوية. اقتصاد زراعي . بساتين. إرشاد زراعي. إنتاج نبات ووقايته. علوم وإدارة موارد المياه. طب بيطري. تربة ومياه. علوم بيئية وصحة البيئة وغيرها)، وتخصصات علوم الفضاء وتشمل : (الفضاء الكوني. علم الفلك. علوم مجرية . علوم نجمية . علوم فضائية كوكبية .علم أحياء الكواكب . ريادة الفضاء . السفر الفضائي . غزو الفضاء .الدفاع عن الفضاء. صناعة المراكب الفضائية وغيرها) وتخصصات أخرى كثيرة تتعلق بالصناعات وإنشاء المصانع والمحطات النووية الأرضية والجوية وأنواع الاتصالات من نت وغيره وتخصصات الأبحاث المتقدمة وغيرها كثير.

فهل هذه العلوم من شريعة الديمقراطية والعلمانية أم أنها علوم مستقلة أكاديمية يتم دراستها في الجامعات والمعاهد والمراكز وهي سبب التطور في أي بلد من البلدان متى تم الاهتمام بها والتشجيع على دراستها دراسة متقنة ومتقدمة ودائمة الأبحاث، مع متابعة كل جديد صدر في العالم.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم، وللكلام بقية نستأنفه بمشيئة الله في لقاء قادم.
_______________
([1]) ميشيل هاملتون مورغان، تاريخ ضائع، مكتبة الكونغرس واشنطن، 2007م.
([2]) ترجمت لابن سيناء في كتابي روابط الأخوة الإسلامية وبينت عقيدته هنالك فليراجع.
([3]) علي كريم سعيد، أصول الضعف، دمشق 1992م.
([4]) الدكتور رضا العطار، من كتاب الحضارة لحسين مؤنس.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام