حوارات صريحة حول السلفية " أهل السنة والجماعة" وما يدور حولها من شبهات
الحلقة رقم (1)
أجرى الحوار : الأستاذ فارس أبو سنة
ضيف الحوار : الشيخ صادق بن محمد البيضاني
أبو سنة: نستهل هذا اللقاء بشكر فضيلة الدكتور صادق البيضاني على إتاحة هذا اللقاء بمنزله العامر بطلبة العلم.
الدكتور: الشكر لله وحده، وأهلاً بك.
أبو سنة: ما هي السلفية وهل يعني أن من لم يكن من السلفيين فهو ضال مضل مبتدع وخارج من ملة الدين؟
الدكتور: أضحك الله سنك، وهل أنت سلفي؟
أبو سنة: أنا مسلم.
الدكتور: وأنا مسلم كذلك ولا أبدع أي مسلم التزم بكتاب الله وسنة رسوله، ولا يوجد على ظهر الأرض عالم قالوا عنه أنه سلفي يكفر أو يبدع من لم ينسب نفسه للسلفية إذا التزم بكتاب الله وسنة رسوله.
أبو سنة: يعني لو الانسان مسلم وأطاع الله ورسوله ولم ينتسب للسلفية فليس بمبتدع؟
الدكتور: لا شك يا أخي، وقد يقول عنه البعض بأنه سلفي لو هو مطيع لله ولرسوله، رغم أنه قد لا يقول عن نفسه إنه سلفي، وربما تحرج أن يقول عن نفسه أنه سلفي بسبب كثرة من يهذي ويحارب السلفية بلا علم، حتى جعل هذا المحارب هذه السلفية بسبب الافتراءات وكأنها تنظيم ارهابي متزمت لا همَّ لها سوى تبديع الناس، وهذا من الظلم والافتراء.
أبو سنة: اذن أنا عند العلماء سلفي.
الدكتور: لا أنت لست سلفياً فيما يبدو لي ويتأكد الأمر بإقامة الحجة عليك.
أبو سنة: إذن أنت تبدعني وتخرجني من الملة.
الدكتور: يا أستاذ ألم نتفق في بداية الكلام على أن من أطاع الله ورسوله فهو مسلم غير مبتدع وهو سلفي وإن لم يقل إنه سلفي.
أبو سن : نعم اتفقنا على ذلك.
الدكتور: قل بلى، إذن أنت مسلم بناء على القاعدة السابقة ولست سلفياً.
أبو سنة: لماذا لست سلفياً وأنا مطيع لله ولرسوله.
الدكتور: لأنك من حزب التحرير، وتقول إن البيعة لا تكون إلا للخليفة في الخلافة العظمى وليس في ذمتك بيعة للحاكم " أمير بلدك"، وأيضاً من منهجكم تقديم العقل على أدلة الكتاب والسنة، وأنتم تنكرون عذاب القبر وتنكرون ظهور المسيح الدجال، وتتخلون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن تقوم دولة الخلافة الإسلامية، وكل هذا يخالف أصول أهل السنة.
أبو سنة: كيف ليس في ذمتي بيعة وهو يحكمني؟
الدكتور: هل تقر بأنه أمير يجب طاعته في المعروف وعدم طاعته في المعصية؟
أبو سنة : البيعة على قسمين بيعة خاصة للجماعة، وبيعة عامة للحاكم.
الدكتور: هذا نفسه كلام الاخوان المسلمين، فأنتم وهم جعلتم أميرين في الحضر، الأمير الأول : أمير الجماعة وبايعتوه وهو الأصل عند الجماعة، والثاني : أمير البلدة وقلتم : لا نبايعه وإنما هو حاكم ومضطرين أننا نعتبره حاكماً تسلط على السلطة بنظام غير إسلامي وفاز بالانتخابات أو بغيرها من الوسائل المرفوضة، هل هذا هو الحاصل أم أني غلطان؟
أبو سنة: يا شيخ كيف تساوي بيننا وبين الاخوان المسلمين، وهم يختلفون عنا؟ الإخوان لا يبايعون رئيس الدولة أبداً وإنما يقولون بيننا وبينه اتفاق يحكمنا وليست بيعة شرعية، والبيعة الشرعية عندهم فقط لأمير الجماعة.
الدكتور: لستم متفقين في كل الأصول، وإنما في بعضها.
أبو سنة: طيب كيف أبايع هذا الأمير وهو لا يحكم بما أنزل الله؟
الدكتور: إذن لا تغالط وتقول بأنه أميرك؟! اعترف ولا تضيع وقتنا.
أبو سنة: لا شك ليس أميري ولا اعترف به وإنما نسايسه.
الدكتور: إذن وصلنا إلى أن البيعة عندكم فقط لأمير الجماعة وأما بيعة رئيس الدولة أو الأمير مجرد تحصيل حاصل لأجل التمويه؟!
أبو سنة: قل ما شئت يا دكتور.
الدكتور: من أصول أهل السنة أن البيعة لا تكون في الحضر إلا للحاكم الذي يحكم رعيته في البلدة ولو كان ظالماً وأنت لا تؤمن بذلك.
أبو سنة: نعم والاخوان المسلمون كذلك يا شيخ.
الدكتور: دعني يا أخي من الإخوان هداك الله، فنحن قد فرغنا من ذلك في لقاءات سابقة، وإنما تكلم عن نفسك أنت يا أستاذ.
أبو سنة: يعني أفهم من ذلك أني لست من أهل السنة بسبب أنني أؤمن بأن البيعة لا تكون إلا للحاكم؟!
الدكتور: نعم لعدم إيمانك بهذا الأصل وبغيره من الأصول التي يطول ذكرها.
أبو سنة: يعني أنا لست من أهل السنة؟
الدكتور : أنت شخصياً وغيرك من الأعيان ابتداء نقول فيكم أنكم وقعتم في البدعة، لكن لا يلزم أنك مبتدع حتى نقيم عليك الحجة الشرعية ونزيل عنك الشبهة، فإن عاندت في ذلك بعد وضوح الحق وبيانه حكمنا بأنك مبتدع للأدلة المتفق عليها عند أهل السنة وليس عن هوى، ولا يعني هذا الحكم أنك لست مسلماً ولست أخاً، وأيضاً لا يعني هذا الحكم أنك خارج من الملة كما يثرثر الغوغائيون الذين لا ناقة لهم ولا جمل في العلم الشرعي، لكن من حيث الحكم على الحزب أو الجماعة فأصول حزب التحرير تتصادم مع أصول أهل السنة المتفق عليها فكيف نحكم على حزب التحرير أو غيره من الجماعات ذات المنهج والأصول التي تتصادم مع أدلة الكتاب والسنة وتتصادم مع الأصول المتفق عليها عند أهل السنة أنهم من أهل السنة؟! هذا تناقض إن جعلناهم من أهل السنة، وهم ضد أهل السنة، بل ويحاربون أهل السنة، ويحاربون منهج أهل السنة ويحاربون علماء السنة؟! كيف أقول لعدو القوم إنه منهم؟! هذا هراء، يقول أبو حاتم الرازي : " علامة أهل البدع : الوقيعة في أهل الأثر".
أبو سنة : أعتقد يا دكتور أنني أحتاج إلى جلسة لمناقشة قيام الحجة التي تقولها، وهذا يحتاج إلى مجلس خاص، وحقيقةً أني أخرجتك من موضوع النقاش الذي أردته.
الدكتور : لا شك لا بد من جلسة خاصة مطولة في هذا الباب، فأنت خرجت وما حبيت أني أقول لك خرجت عن موضوع نقاشنا.
أبو سنة : طيب يا دكتور الوقت الذي سمحت لي به اقترب من الانتهاء، بس قبل الانتهاء من الوقت عندي عدة مسائل أختصرها معك :
بخصوص من لم يحكم بما أنزل هل يكون ولي أمر للمسلمين؟
الدكتور : هذه المسألة بسطتها في سلسلة " أسئلة حول ثورات الربيع العربي، الحلقة رقم (11)" وأيضاً ضمن سلسلة " مفاهيم يجب أن تصحح" فراجعها هنالك، والخلاصة : لو أن الحاكم اعتقد أن حكم الله غير صالح في هذا الزمان أو استحله أو شرعه بدلاً عن حكم الله فهذا طاغوت وليس بولي أمر، وهذه المسألة محل اتفاق بين أهل السنة، وبقية التفصيلات تجدها في الموضعين اللذين ذكرت لك.
أبو سنة : وإذا كفر الحاكم، فهل يعني أنه يجوز لنا أن نجعل البيعة لأمير الجماعة؟
الدكتور : أنتم جماعة وغيركم جماعات، والإسلام ليس فيه سوى جماعة واحدة، وهي جماعة المسلمين، فأنتم فرق وعلى رأس كل فرقة أمير، ومعنى ذلك أنكم تمثلون أنفسكم، وهؤلاء الأمراء الذين اتخذتموهم رؤوساً هم رؤس ضلالة لأنهم سبب الفرقة بين المسلمين، وكل جماعة تتهم الأخرى وتتهم أميرها، وبعضهم يقول نحن جماعة ونحترم بقية الجماعات، وهذا مجرد كلام وإلا فالأصل أنهم يرون أنفسهم جماعة المسلمين، ومن لم يكن معهم فهو ضدهم، ويقولون الدليل أنه لو كان صادقاً لانضم لنا، ولذا أقول : لو ظهرت جماعة وأدعت أن معها أميراً، وأنهم أهل سنة فلا تصدقوهم فليس بسلفيين على منهج السلف الصالح، هذا خلاف ما عليه الأدلة والآثار، وراجع الموضعين السابقين اللذين أشرت لهما حتى لا نكرر الكلام.
أبو سنة : والسلفيون أليس عليهم أمير؟
الدكتور: السلفيون ليسوا حزباً حتى يكون لهم رئيس أو أمير، وهم مجموعة أفراد منذ عهد القرون المفضلة حتى اليوم ومنهم عوام كثيرون ليسوا بعلماء، ومنهم أفراد يطلبون العلم عند العلماء وينشرونه ويصححون للناس ما جهلوه من العقيدة الصحيحة والمنهج الحق، والشريعة الربانية والسلوك الشرعي والآداب الصحيحة، ويذبون عن الإسلام والمسلمين، وكذلك يذبون عن السنة كل ما أثير من الافتراءات والشبه، وينقحون السنة ويبينون صحيحها وضعيفها، ويحذرون من الأحاديث المكذوبة التي نسبت للنبي عليه الصلاة والسلام ويبينونها، ويعرفون للعلماء قدرهم ومكانتهم وإن اختلفوا في مسائل، فالخلاف بين العلماء سنة قديمة منذ عهد الصحابة، وهذه سنة ربانية قال عنها ربنا: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ، وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ "
وإذا اختلف العلماء بينهم فاتركوا خلافهم لهم وبينهم، واعرفوا لهم قدرهم، ومن لديه ملاحظة على عالم فليزر ذلك العالم وليناصحه سواء كان الناصح عالماً أو عامياً أو طالب علم.
وإذا رأيتم خطأ من عالم أو طالب علم أو سلفي عامي فلا تحملوا ذلك الخطأ أو تلك الأخلاق على كل العلماء وعلى كل السلفيين، وتقولون السلفيون وعلماء السلفية قالوا وفعلوا، فهذا اتهام وظلم، وهذه طريقة أهل الزيغ والضلال لإسقاط أهل الحق.
أبو سنة: كيف ليس السلفيون حزباً، وهناك حزب النور السلفي بمصر وحزب الرشاد السلفي باليمن؟
الدكتور: هذه أحزاب ديمقراطية نسبت نفسها للسلف، والسلف برئ من ذلك، وبرئ من الديمقراطية، ولا يوجد يا أخي في الاسلام أحزاب اسلامية فضلاً عن أحزاب ديمقراطية أو علمانية.
كنت في إحدى الدول الأجنبية وفيها مكتبة تُسمى بالمكتبة السلفية، زرتهم فوجدت أنهم يطبعون كتباً صوفية شركية فتعجبت وانكرت، فكيف أقول بأن هؤلاء سلفيون؟!!!
أبو سنة: أشكرك يا دكتور على هذه الصراحة والشفافية، وأشكرك على اتاحة الفرصة، ومتى تحب أمر لك لكي نكمل النقاش أنا مستعد؟
الدكتور: لا مانع اليوم نكمل بعضه بعد العصر أو بعد العشاء، والعصر أفضل إذا أحببت.
أبو سنة: أشكرك، بإذن الله نكمل بعد العصر ما تيسر.
الدكتور: أهلاً وسهلاً.
( انتهى الحوار الأول)
وللحوار بقية سيتم نشره إن شاء الله في حلقات قادمة.
فرغه، ونشره : صالح القحطاني، الاثنين بتاريخ 30 رجب 1439ﻫ، الموافق لـ : 16 نيسان/أبريل 2018م.