عندما نتحدث عن ثورات الربيع العربي وننتقدها
(ضمن سلسلة الثقافة الاسلامية وقضايا العصر)
الحلقة رقم (3)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
عندما نتحدث عن ثورات الربيع العربي وننتقدها لا يعني أننا ندافع عن الحكام الظلمة الذين ظلموا رعيتهم ولم يقيموا فيهم شرع الله، فالإنكار على الحاكم الظالم واجب شرعي بالطريقة الشرعية، والخروج عليه بالثورات والانقلابات ليس طريقةً شرعية لكونه يؤدي إلى منكر أعظم فضلاً عن كونه يتصادم مع أدلة الشرع المطهر ، ويجب على الثوار أن يتفهموا ذلك بعيداً عن التعصب للقادة أو الأحزاب، لأن العاقل من يبحث عن الحق بدليله، فسعة الصدر والحوار لأجل الوصول للحق مطلب كل عاقل منصف
وقد سبق أن قلت: «إن ثورات الربيع نُسجت عام ١٩٦٢م عندما اقترح اشكول ليفي رئيس وزراء اليهود آنذاك أن تتم زعزعة الأنظمة العربية ابتداء من تونس، لأنهم كانوا ينظرون إليها على أنها الحلقة الأضعف في الدول العربية، ثم استلم زمام هذه الثورات الصهيوني الفرنسي «برنار هنري» الذي يدير ويمسك بيده ملف الربيع العربي ويدرب عليه بعض العرب.
ثم صدر عن اجتماع وزير الخارجية الألماني الأسبق بوبكا فشر مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية (بعد توليها منصب وزيرة الخارجية عام ٢٠٠٥م) بقوله: " إننا نعمل على خلخلة المنطقة العربية عبر الفيسبوك وتويتر" ([1]).
ثم تطالعنا كوندوليزا رايس لتؤكد ذلك وتعترف من خلال القنوات الإعلامية بأن «أمريكا هي من صنعت ثورات الربيع العربي».
وللأسف لم نجد آذانا صاغية للواقع المرير من هؤلاء المحسوبين على المجتمع الإسلامي الثقافي الحركي - المتحالف مع الأحزاب الأخرى - سوى تبريرهم بقولهم: حتى وإن كانت من صنع الصهاينة والأمريكان إلا أنها أظهرت الإسلام والمسلمين.
وهذا الجواب من العجب العجاب، فماذا جنى المسلمون من ثورات الربيع حتى نقول أظهرت الإسلام والمسلمين؟! سوى سفك الدماء وزعزعة الأمن والاستقرار وكثرة البطالة وانتشار الفساد، وكثرة الضغوط على دولنا العربية، والفوضى والقمع والحرب الأهلية في الدول التي ظهرت فيها هذه الثورات مع سقوط هذه الدول في أحضان الأعداء ومن ثم تدخلهم اللامحدود في قضايا الأمة العربية والاسلامية بلا هوادة.
فالمسلم العاقل ضد الفساد والظلم والاستبداد، ولكن لا يكون تغييره بالفوضى والطرق الديمقراطية المنافية للدين والوسائل غير الشرعية، وإنما تغييره بما خطَّه لنا نبينا عليه الصلاة والسلام وسار عليه علماء الملة المرحومة رضوان الله عليهم.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
___________
([1]) اقرأ ما نشرته وكالة "جراسا نيوز" للصحفي أحمد خلال القرعان، بتاريخ ٠٤ـ٠٦ـ٢٠١٢م.