الحلقة (1)
القاعدة الأولى
كل شئ في الكون يدل على وجود الخالق الخبير جل وعلا.
سُئل أعرابي من أصحاب الفطر السليمة فقيل له: كيف تعرف ربك ؟
فقال: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليلٌ داج ([1])، ونهارٌ ساج ([2])، وسماءٌ ذات أبراج ([3]) ، أفلا تدل على الصانع الخبير.
لو أن ملحداً لا يؤمن بوجود الله جل وعلا فَكَّرَ في نعمة العقل، والبصر، والسمع ، والأرض، والسماء، وكل شئ حوله لَدَلَّهُ ذلك على وحدانية الله ووجوده، وأنه ربُّ كل شئ ومليكه، وأنه الواحد الأحد الذي يدير هذا الكون.
قال ابن المعتز:
فواعجباً كيف يُعصى الإلــــه****ْ أم كيف يَجحدهُ الجاحــــدُ
ولله فـــي كلِّ تحريكـــــــةٍ**** وتسكينةٍ أبداً شاهـــــــــدُ
وفي كلِّ شيئ لهُ آيـــــــةٌ([4])**** تـَدُلُّ علـى أنـهُ الـواحـدُ
قال الله تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ، وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا([5]) وَبَثَّ([6]) فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ([7]) الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"([8]).
وقال الله تعالى:"" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا، وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ([9]) بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ، وَغَرَابِيبُ([10])سُودٌ""([11]).
سئل أبو نواس عن وجود الباري جلَّ وعلا ؟ فأنشد قائلاً:
تأمَّلْ في نبات الأرضِ وانْظُــرْ**** إلى آثارِ ما صنـعَ الملـيكُ
عيونٌ مِنْ لُجِينٍ([12])شاخصات****ٌ بأبصارٍ هي الذهبُ السبيـكُ([13])
على قَصَبِ الزبرجدِ شاهداتٌ***** بأن الله ليـس له شريــكُ ([14]).
([1]) مظلم..
([2]) ساكن.
([3]) الأماكن التي تأتيها النجوم في السماء.
([4]) علامة.
([5]) بإنبات الزرع فيها بعد أنْ كانت ميتةً لا زرع فيها.
([6]) فرَّق ونشر.
([7]) تنويعها.
([8]) سورة البقرة الآية رقم : 164.
([9]) طرق في الجبال تخالف لونها.
([10]) شديدة السواد, وسود بدل من غرابيب.
([11]) سورة فاطر الآيتان رقم : 27-28.
([12]) فضة.
([13]) المذاب.
([14]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار الفكر، (1/60).