حكم من عليها صوم من رمضان ولا تستطيع أن تقضي بسبب الحمل أو الرضاعة
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س184: امرأه عليها صيام من رمضان وهي الآن حامل وأرادت أن تقضي ما عليها إلا أنها تجد صعوبة في الصيام وتتعب عند صيامها وهي الآن عليها 14 يوماً، فهل هناك حل لها غير الصيام وما هو افتونا رحمكم الله؟
ج184: بما أن هذه الحامل تجد صعوبة في قضاء الصوم بسبب الحمل فإنه يلزمها القضاء عند الاستطاعة ولو بعد الانتهاء من الانجاب والرضاعة، وكذلك إذا جاء رمضان وهي حامل أو مرضع ولا تستطيع صيام الشهر كله أو بعضه فإنها تقضي ما عليها في أوقات الاستطاعة ولو تأخر القضاء سنة فأكثر، ولذا لا يجوز للحامل الفطر في نهار رمضان إلا إذا لم تستطع صيامه وكذا الحال في المريض والمرضع لكن قد تُستثنى المرضع إذا كانت مستطيعة ومنعها من الصوم خشية الضرر على ولدها بسبب جفاف اللبن.
ويلزم كل هؤلاء إن أفطروا القضاء وأما الذي لا يطيقه البتة لمرض لا يرجى برؤه فعليه الفدية وهي إطعام مسكين في كل يوم أفطر فيه لقوله تعالى : "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"([1])، قال عطاء كما في صحيح البخاري:(سمعت ابن عباس يقرأ وعلى الذين يطوقونه فلا يطيقونه فدية طعام مسكين)([2]).
قال ابن عباس كما في صحيح البخاري :( ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا )([3]), وهذا مذهب الأئمة الأربعة إلا أبا حنيفة.
لكن عورض بما أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قرأ : فدية طعام مساكين قال هي منسوخة([4]) .
والجمع بينهما تقديم قول ابن عباس فهو أعلم بفقه التفسير من ابن عمر فقد خصه النبي عليه الصلاة والسلام بدعائه الشريف المشهور كما في الصحيحين: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"([5]).
وأما تأخير القضاء فلا يجوز إلا عند عدم الاستطاعة فإن كان الأمر كذلك جاز التأخير ولو بعد رمضان أو أكثر لما أخرجه الشيخان عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان"([6]).
وفي هذا دلالة على جواز التأخير عند عدم الاستطاعة وعملًا بقوله تعال: "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"([7]).
والحاصل: أن الحامل تقضي ما عليها عند الاستطاعة ولو بعد الانتهاء من الانجاب والرضاعة فليست من ذوات الفدية طالما أنها لا تعاني من مرض لا يرجئ برؤه, وبالله التوفيق.
([1]) سورة البقرة, الآية (184).
([2]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب التفسير, باب قول الله { وعلم آدم الأسماء كلها }(4/1638 رقم 4235)] من حديث ابن عباس موقوفَا.
(([3] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب التفسير, باب قول الله { وعلم آدم الأسماء كلها }(4/1638 رقم 4235)] من حديث ابن عباس موقوفَا.
([4]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم, باب { وعلى الذين يطيقونه فدية }(2/688 رقم 1848)] من حديث ابن عمر.
(([5] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الوضوء, باب وضع الماء عند الخلاء(1/66 رقم 143)], ومسلم في صحيحه [كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم, باب من فضائل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما(4/1927 رقم2477)] كلاهما من حديث ابن عباس.
(([6] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم, باب متى يقضى قضاء رمضان(2/689 رقم 1849)], ومسلم في صحيحه [كتاب الصيام, باب قضاء رمضان في شعبان(2/802 رقم 1146)] كلاهما من حديث أم المؤمنين عائشة.
(([7] سورة البقرة, الآية (286).