السبت 18 ذو الحجة 1446 هـ || الموافق 14 يونيو 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 6138

حكم من يفعل المعصية ويقول: هذه حرية شخصية 

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني 


س 254: بعض الطائشين إذا نصحته بترك المعصية أو المنكر يرد عليك بقوله هذه حرية شخصية، وأنا حر، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ وكيف نرد عليه وننصحه؟


ج 254: الذي تنصحه بترك المعصية ويقول لك هذه حرية شخصية، فقل له لا حرية لك في ما نهى عنه الله ورسوله، فإن الله عز وجل يقول: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".

وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".

الإسلام دين الحرية والمساواة والعدالة بما لا يتعارض مع أدلة الشرع المطهر، فلا يقول شخص أنا سأفعل هذا المنكر، وأنا حر، وهذه حرية شخصية كفلها لي نظام أو قانون الدولة، وأيضا لا يقول قائل قطع يد السارق جريمة، وجلد الزاني تخلف وظلم، ولا يقول قائل: القصاص بقتل القاتل العمد إرهاب.

 ولا يجوز له أن يقول ميراث الرجل والمرأة يتساوى، ولا يجوز له أن يقول يحق للمرأة أن تنافس الرجال للوصول إلى السلطة لتكون رئيسة دولة فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" أخرجه البخاري.

ولا يقول قائل تخلع المرأة جلبابها وتتشبه في لباسها بالرجال وتصادق من شاءت وتعشق من شاءت ولا دخل لزوجها أو والدها أو أخوها فيها، وما أشبه ذلك مما حرمته النصوص الشرعية.

فاحتجاج الشخص بالقانون والنظام والهوى والعقل الملوث على حساب الشرع دليل على أنه يرفض الإسلام بدليل رفضه أحكامه إلا إذا كان جاهلاً فإنه يلزم تعليمه وبيان حكم الشرع في مثل هذه المسائل، فإذا قامت عليه الحجة وعلمها وزالت عنه الشبهة ولم يرجع فهو عدو للإسلام والمسلمين، فإذا اعتقد ما يقول بعد قيام الحجة عليه وإزالة الشبهة عنه فهو مرتد، ويلزم القاضي الشرعي أن يستدعيه ويحكم عليه بما أراه الله وفقاً لأدلة الكتاب والسنة.

الشرع الإسلامي لا يسمح للمسلم أن يفعل المنكر محتجاً بقوله هذه حرية شخصية لأن هذا الاحتجاج جاء لنا من العلمانيين والديمقراطيين واليهود والنصارى والملاحدة وغيرهم من ملل الكفر، أما أهل الاسلام فإنهم ضد المنكرات وهم يخضعون لشرع الله المنزل المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ" فبطلان العمل بمعصية الله ورسوله بحجة أن هذا الفعل حرية شخصية.

وقال تعالى: "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".

وقد حذر الله ورسوله من المعاصي والمنكرات، ويلزم كل مسلم أن يحذرها ويبتعد عنها فلن ينفعه احتجاجه بالقانون والنظام لأن المنكر ما أنكره الشرع والمعروف ما عرفه الشرع وأباحه، أما النظام الوضعي الذي يبيح لك المحرمات بمادة قانونية تنص على الحرية الشخصية والعدالة الاجتماعية والمساواة بما يتصادم مع نصوص الكتاب والسنة فهذا لن يوصلك إلا إلى الجحيم، ومهما عشت في الدنيا فإنك غداً ستموت وإن مردك إلى جبار السماوات والأرض الذي نهاك عن المنكرات التي تحتج لفعلها طاعة لإبليس بقولك: "حرية شخصية".

وتأملوا معي الأدلة التالية من كتاب ربكم وسنة نبيكم في التحذير من الذنوب والمعاصي وأنه لا اختيار للمسلم في ما قضى الله ورسوله، ولا حرية في ما نهى عنه الله ورسوله:
قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا".

وقال تعالى: "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ".

وقال تعالى: "فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ".

وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه".

وقد حكى ابن الجوزي في صفة الصفوة والذهبي في سير أعلام النبلاء أن بلال بن سعد التابعي رحمه الله قال: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن أنظر إلى من عصيت"، وبالله التوفيق.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام