السبت 18 ذو الحجة 1446 هـ || الموافق 14 يونيو 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 5528

حكم الاستمناء وعلاجه

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني 


س 293: أنا شاب في الـ 19 من عمري مثقف دينيًا نوعًا ما ولكن عندي مشكلة هي الاستمناء لا تفارقني هذه العادة مع التزامي بديني في ما دون ذلك والدعوة إليه فماذا أفعل وجزاكم الله خيرًا.


ج 293: الاستمناء محرم على أصح الأقوال لدخوله في عموم قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"([1]).

فقوله: "فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"، عام في الزنا واللواط والاستمناء وما إلى ذلك من فواحش الإيلاج، بل ثبت طبيًا أن للعادة السرية أخطارًا منها ضعف البصر والأعصاب وضعف عضو التناسل وآلآم الظهر والركبة وغيرها من الأضرار.

وهناك أضرار نفسية منها القلق ووخز الضمير وتشتت الفكر وما إلى ذلك.

ولدفع هذه العادة السيئة يلزم السائل الامتثال بشرع الله وترك هذه العادة، والأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة([2]) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء([3])"([4]).

كما يلزمه كسر النفس ومخالفة الهوى بأمور أخرى منها:

كثرة تلاوة القرآن والعمل به والحذر من هجره فإن الله يمقت ذلك قال تعالى: "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"([5]).

الحذر من الانشغال بزخارف الدنيا وملذاتها فإن الدنيا غرارة ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"([6]).

الابتعاد عن مجالسة أهل السوء ففي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة"([7]).

الحذر من البعد عن ذكر الله ومن ذلك عدم المحافظة على الصلوات في المساجد في جماعة قال تعالى: "وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ([8]) نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ([9])"([10]).                                           

وقال جل ذكره: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ([11]) مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ([12])"([13]).

تذكر الموت و زيارة المقابر ففي زيارتها دحض للغفلة وفي صحيح مسلم عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"([14]). وفي رواية: "فإنها  تذكركم الآخرة"([15]).

مجالسة العلماء وكثرة حضور مجالس الذكر فهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم.

سماع أشرطة الوعظ والإرشاد وخصوصًا التي تشتمل على الوعد والوعيد وفق الله السائل وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه، وبالله التوفيق.
____
([1]) سورة المؤمنون، الآية (7).
([2]) أي: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وأسبابه، سمي النكاح باء أو باهة لأن الرجل يتبوء من أهله أي يستمكن منها كما يتبوء من داره وبوأه منزلًا أنزله فيه.
([3]) وجاء بكسر الواو والمد، الوجاء: دق الخصيتين حتى ينشقا، أو قطعهما، أو قطع عروقهما، فيه معنى الفتور لأن من وجىء فتر عن المشي فشبه الصوم في باب النكاح بالتعب في باب المشي.
([4]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر أحصن للفرج). وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح (5/1950 رقم 4778)]، ومسلم في صحيحه [كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم (2/1018 رقم 1400)] كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود.
([5]) سورة الفرقان، الآية (30).
([6]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء (4/2098 رقم 2742)] من حديث أبي سعيد الخدري.
([7]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الذبائح والصيد، باب المسك (5/2104 رقم 5214)]، ومسلم في صحيحه [كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء (4/2026 رقم 2628)] كلاهما من حديث أبي موسى.
([8]) يعرض عنه ويصد ولا يتأمله ويتدبره.
([9]) يوسوس له ويغويه ويدفعه ويتعرض له بما يضره دائمًا، والقرين: الملازم والمصاحب.
([10]) سورة الزخرف، الآية (36).
([11]) وسوسة أو هم أو غضب أو ذنب أو غير ذلك من أذاه.
([12]) تذكروا وفعلوا ما يطيعون بالله.
([13]) سورة الأعراف، الآية (201).
([14]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب الجنائز، باب استئزان النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه (2/672 رقم 977)] من حديث بريدة.
([15]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1/145 رقم 1235)] من حديث علي بن أبي طالب.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام