ما هي مفسدات الصوم؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س 320: ما هي مفسدات الصوم، أفيدونا مأجورين؟
ج 320: مفسدات الصوم على المشهور ثلاثة:
الأول: الأكل والشرب عمدًا لقوله تعالى: "وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ"(1).
ولقوله تعالى: "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِِ" [البقرة:187]
والآيتان تدلان على وجوب الانقطاع عن الطعام والشراب في نهار رمضان ابتداءً من بداية الفجر الصادق عند ظهور بياضه حتى ظهور الخيط الأسود والذي هو بداية غروب الشمس؛ وهذا دليل عام.
يخرج منه ما خصصه الدليل في عدم إفطار من أكل أو شرب ناسيًا لما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"(2).
الثاني: الجماع لقوله تعالى: "فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ"(3).
وفي الآية دلالة على حرمة المباشرة بمعنى الجماع في نهار رمضان مع جوازه في لياليه وهذه من المسائل المجمع عليها في أن الجماع من مفسدات الصوم.
ولما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت ! فقال: "وما ذاك؟"، قال: وقعت بأهلي في رمضان، قال: "تجد رقبة(4)"، قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين"، قال: لا، قال: "فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا"، قال: لا، قال: فجاء رجل من الأنصار بعرق والعرق المكتل(5) فيه تمر، فقال: "اذهب بهذا فتصدق به" قال: على أحوج منَّا يا رسول الله؟! والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها(6) أهل بيت أحوج منا، قال: "اذهب فأطعمه أهلك"(7).
الثالث: الحيض والنفاس لما أخرجه الشيخان عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك نقصان دينها"(8).
وأخرج الشيخان عن معاذة قالت: سألت عائشة، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، فقالت: أَحَرُورِيَّة(9) أنت؟!! قلت: لست بحرورية ولكني أسأل قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة(10).
أما القيء عمدًا فليس من مفسدات الصوم على القول الصحيح أما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذَرَعَهُ(11) الْقَيْءُ فليس عليه قضاء ومن استقاء(12) عمدا فليقض"(13).
أخرجه أحمد والأربعة إلا النسائي، والحديث ضعيف وقد استوفى البخاري علله في التاريخ الكبير.
وليس بصحيح أن العلماء أجمعوا على أنه من مفسدات الصوم بل في المسألة خلاف وقد سبق وأن بيناه في غير هذا الموضع، وبالله التوفيق.
_____
([1]) سورة البقرة، الآية (187).
([2]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا (2/682 رقم 1831)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (2/809 رقم 1155)] كلاهما من حديث أبي هريرة.
([3]) سورة البقرة، الآية (187).
([4]) مملوك (رقيق).
([5]) زنبيل (القُفة) يسع خمسة عشر صاعا أو زنبيل منسوج من خوص أو الشقيقة المنسوجة من الخوص قبل أن يجعل منه الزنبيل أو الزنبيل نفسه ويسكن.
([6]) طرفي المدينة من الشرقية والغربية والحرة: الأرض ذات الحجارة السود والمعنى ما بين أطرافها.
([7]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر (2/684 رقم 1834)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها وأنها تجب على الموسر والمعسر وتثبت في ذمة المعسر حتى يستطيع (2/781 رقم 1111)] كلاهما من حديث أبي هريرة.
([8]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (1/116 رقم 298)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق (1/86 رقم 79)] كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري.
([9]) نسبة إلي حروراء قرية بالعراق عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْكُوفَة وهم طائفة من الخوارج كان ابتداء خروجهم بها.
([10]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة (1/122 رقم 315)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (1/265 رقم 335)] كلاهما من طريق معاذة العدوية..
([11]) غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ في الخروج.
([12]) تسبب في خروجه قصدًا.
([13]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (2/498 رقم 10468)] من حديث أبي هريرة.