الحوار حق شرعي لكل مخالف
(ضمن موضوع دراسات منهجية في ظل الانحرافات الفكرية)
الحلقة (26)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني
أعطت الشريعة الإسلامية حق الحوار لكل من عارض أو خالف ليعبِّر عما في نفسه بإنصاف وأدب بما يراه دون أن يلزم الآخرين بغير الحق، وأعطته فرصة زمنية ليتكلم ويناقش ويناظر بما لديه من البراهين التي يزعم أنها حق، وألزمته الشريعة باتباع الحق دون غيره متى ما أقيمت عليه الحجة وأزيلت عنه الشبهة، وهذه قضية حتمية لا يمكن إنكارها لكثرة أدلتها من الكتاب والسنة وحال من سبقنا من الصحابة والتابعين.
ونوجز ذلك في بعض الأدلة:
أولاً:
قال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة:23].
المتحدِّي في هذه الآية هو الله عز وجل، والملاحظ في الآية أن الله عز وجل فتح لهؤلاء المشركين باب التحدي دون أن يحدد لهم زمناً معيناً؛ بل أعطاهم فرصة زمنية كافية إن كانوا على شيء من الحق أن يثبتوه، وأيضا أنه لما تحداهم لم يقيدهم بقيود وأغلال ولم يكلفهم ما لا يطيقون؛ بل تركهم يأكلون ويشربون ويمرحون ويعيشون في ملكه رغم خروجهم عن طاعته سبحانه، ومحاربتهم دينه، حتى تجاوزوا حدود العقل والنقل، فقالوا في كلام الله: (أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفرقان:5].
ومع كل هذا حلم عليهم ربُّ العزة والجلال زمن التحدي لعلهم يرجعون للحق ويذعنون له، وسمح لهم سبحانه أن يجمعوا شهداءهم على ذلك ليعينوهم أو يشهدوا لهم أو يتقووا بهم إن ظنوا أنهم يستطيعون أن يأتوا بسورة أو آية تشبه آيات القرآن فضلا عن المثلية.
وفي هذا دليل على: أن من حق المخالف أن يناظر ويناقش ويحاور ويأتي بما لديه من الحجج والبراهين ويحشد من شاء من الحشود التي يتقوى بها حال دعواه، وأنه ينبغي للطرف الآخر أن يعطيه فرصة السماع؛ بل ويساعده بكل ما يستطيع حتى يبلغ مأمنه؛ لأن الغرض من المناظرات والحوار هو التوصل للحق واتباعه.
ثانياً:
قال الله تعالى: (فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ ﴿٦٠﴾ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ﴿٦١﴾ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ ﴿٦٢﴾ قَالُوا إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴿٦٣﴾ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ ﴿٦٤﴾ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ) [طه:60-65].
المناظر في هذه الآيات لموسى عليه السلام: فرعون وما لديه من السحرة، والملاحظ أن الله عز وجل مكَّن فرعون من العيش، وأعطاه فرصة زمنية ليجمع السحرة ويغريهم بالمال والسلطان إذا نجحوا في هذه المباراة، رغم أن فرعون من أكفر خلق الله وأفسدهم وأشدهم عداوة للدين، مع علم الله الأزلي أنه لن يرجع للحق؛ فقد قال كما حكى عنه: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي) [القصص:38]، وقال: (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَـٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) [الشعراء:29]، وقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) [ النازعات:24]، وقال: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٥١﴾ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزخرف:52،51].
ومع كل هذا الكفر والطغيان الذي اتصف به فرعون أعطاه الله حق المناظرة والحوار مع نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ” لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ”.
ثالثاً:
جاء في الصحيحين: «أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعثَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة([1]).. فقسمها بين أربعة نفر.. فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ألا تأمنوني وأنا أمين مَنْ في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء؟ »، قال: فقام رجل غائر العينين([2]) مُشْرِفُ([3]) الوجنتين، ناشزُ الجبهة، كثُّ اللحية، محلوق الرأس، مشمِّرُ الإزار([4])، فقال: يا رسول الله اتق الله، قال: «ويلك! أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله»، ثم ولى الرجل، قال خالد بن الوليد([5]): يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: «لا، لعله أن يكون يصلي»، فقال خالد: وكم من مُصَلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم»، ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ، فقال: «إنه يخرج من ضِئْضِئ ([6])هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»([7]).
والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الرجل أنه من الخوارج حيث ذكر من أوصافهم فقال: «إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».
ورغم هذه الأوصاف العظام التي في الخوارج – وهم فرقة باغية وضالة – إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بقتل هذا الرجل الذي هو رأسهم ولا بحبسه أو إجلائه؛ بل ترك له فرصة فقد يراجع نفسه ([8]) ويرجع إلى الحق المبين.
رابعاً:
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبَّحنا الحرقات ([9]) من جهينة، فأدركتُ رجلاً، فقال: لا إله إلا الله فطعنتُه، فوقع في نفسي ذلك فذكرتُه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟».
قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفاً من السلاح.
قال: «أفلا شققتَ عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟»، فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ»([10]).
والشاهد: حرمة التعجل في إصدار الحكم على المخالف ولزوم حمله على أحسن المحامل وإحسان الظن به حتى يتبين خلافه؛ فلو سأله وحاوره عن سبب قوله «لا إله إلا الله» أو رفع قضيته لرسول الله عليه الصلاة والسلام لكان أولى وأحرى لأسامة رضي الله عنه.
خامساً:
حسن ظنه وحواره صلى الله عليه وسلم واعتذاره لحاطب بن أبي بلتعة الذي «كتب إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، ثم أعطاه امرأة، وجعل لها جعلاً على أن تُبلِّغه قريشاً»([11]).
فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فردَّ عليه بقوله: «إنه قد شهد بدراً؛ وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم»([12]) ،وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل حاطباً ليتبيَّن هل له من عذر أو دافع يخرجه من مأزق ما ظاهره الموالاة للأعداء التي قد يظنها البعض: فقال له: «يا حاطب ما هذا؟» قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله، إني كنت امرأً ملصقاً في قريش، وكان ممن معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد صدقكم»([13]).
فانظروا رحمكم الله إلى سعة صدر رسول الله عليه الصلاة والسلام وسماعه لحاطب الذي أتي بشيء قد يتبادر للبعض أنه ظاهر فيه ووالى الكافرين – وحاشاه رضي الله عنه-، وتأملوا إنصاف رسول الله عليه الصلاة والسلام ودفاعه عنه وحسن ظنه به، حتى أطفئ بذلك فتنة كادت أن تحل بين حاطب والصحابة رضي الله عنهم.
سادساً:
أخرج البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارًا، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوماً فأمر بجلده، فقال رجل من القوم: اللهم العنه؛ ما أكثر ما يُؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت، إنه يحب الله ورسوله»([14]).
والشاهد: أن رجلاً من الصحابة ، قال في الصحابي حمار رضي الله عنه بسبب معصية الخمر: «اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به» فأنصفه رسول الله عليه الصلاة والسلام بذكر جانب الخير الذي فيه فقال: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله »، وفيه دليل على أن المخالف مهما وقع في الخطأ أو المعصية فلا يحق لأحد أن يهدر إيجابياته الأخرى مهما كانت الأسباب، فإنه «من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره».
سابعاً:
الخوارج خرجوا على حكم الخليفة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ونزعوا يد الطاعة واتهموا الخليفتين بأنهما ضلا الدنيا على الآخرة، وأنهما حكما بغير ما أنزل الله، فحرضوا عليهما الناس من الخاصة والعامة، فأما عثمان فقد أعطاهم فرصة واسعة للمناظرة والحوار حتى ضيقوا عليه الخناق وقرروا قتله، وأما علي رضي الله عنه فقد أرسل لهم ابن عباس في عهده ليناظرهم كما سيأتي.
ثبت عند الترمذي وغيره عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال: «لما حُصر عثمان أشرف عليهم فوق داره، ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن حراء لما انتفض، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «اثبت حراء؛ فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان؟».
قالوا: نعم.
قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من ينفق نفقة متقبلة» ، والناس مجهدون معسرون فجهزت ذلك الجيش؟
قالوا: نعم.
ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن رومة لم يكن يشرب منه أحد إلا بثمن فابتعتُها فجعلتُها للغني والفقير وابن السبيل؟
قالوا: نعم.
وأشياء عدها»([15]).
(وجبل حراء هو (جبل النور بمكة) وقال له ” اثبت حراء ” كما تقدم، وثبت ايضا في صحيح البخاري وغيره صعودهم لجبل احد بالمدينة وقال له ” اثبت احد” فالقصة تعددت وصح الامران).
وقد تكررت الحوارات والمناظرات والرسل بين الخليفة عثمان وبين الخوارج دون أن تحقَّق نجاحاً في إخماد الفتنة، وفي يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35 من الهجرة على المشهور – كما جاء في كتب السير والمغازي – حاول الصحابة إيصال الماء والطعام لبيت الخليفة لكونه كان صائماً لكن أهل الفتنة منعوهم، واستمر الحال حتى يوم الجمعة، فشعر رضي الله عنه بشدة الخطر فلبس السراويل على خلاف عادته، ووضع المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ في كتاب الله، وبينما هو كذلك دخل عليه الصحابة وأبناء الصحابة وطالبوه أن يأذن لهم بقتالهم والدفاع عنه، فأبى قائلاً لهم: على كل من له عليه حق أن يكفَّ يده، وأن ينطلق إلى منزله، وقال لغلمانه : من أغمد سيفه، فهو حرّ، فأعتق بذلك غلمانه، وقد جاءت الأنباء باقتراب الجيوش المدافعة عن الخليفة، فشعر أهل الفتنة بخطرها عليهم فاستعجلوا فدخلوا داره لقتله وليس منهم صحابة، فقام عدو الله كنانة بن بشر فطعنه عدة طعنات وضربه عدة ضربات حتى قتل الخليفة من كثرة الإجهاز عليه – على المشهور من كتب التواريخ-، وفي بعضها: ثم تقدم عمرو بن الحمق، وطعنه في صدره تسع طعنات، وقال: هذه الثلاثة لله، وهذه الست لشيء في نفسي.
ولما تولى الخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعث لهم عبد الله بن عباس فناظرهم فرجع أكثرهم لصوابه وأصرَّ آخرون على بدعتهم وضلالتهم وتحيزوا بـ “حروراء([16])“، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لهم مقولته الشهيرة: «لكم عندي ثلاث ما كنتم معنا : لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا»([17])، لكنهم غدروا فقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت، وبقروا بطن جاريته، فلم يقاتلهم علي رضي الله عنه واكتفى بمطالبتهم بالقتلة، فلم يحسنوا الرد وقالوا: «كلنا قتلة»، فقال لهم : فاستسلموا نحكم عليكم، قالوا: لا، فسار إليهم فقاتلهم في وقعة النهروان.
والشاهد في هذا الباب: صبر الخليفتين على الخوارج وحوارهم ومناظرتهم وإعطاؤهم الفرصة الكافية قبل إصدار الأحكام عليهم وقبل مقاتلتهم؛ رغم أن الخليفة عثمان رضي الله عنه لم يقاتلهم حتى انتهى الأمر بأن قتلوه، وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد بعث لهم ابن عباس رضي الله عنهما ليناظرهم، فرجع أكثرهم، وأما من لم يرجع منهم فقد أثبت له حق الأخوة والعيش تحت ضوابط لم يلتزموا بها، ولولا أنهم غدروا وأخلّوا بتلكم الضوابط والشروط لما قاتلهم، ورغم أنه قاتلهم إلا أنه كان رحيماً بهم؛ حيث لم يعاملهم معاملة أهل الكفر والردة.
قال ابن تيمية: «ومع هذا لم يسبِ لهم ذرية، ولا غنم لهم مالاً، ولا سار فيهم سيرة الصحابة في المرتدين؛ كمسيلمة الكذاب وأمثاله؛ بل كانت سيرة علي والصحابة في الخوارج؛ مخالفة لسيرة الصحابة في أهل الردة، ولم ينكر أحد على عليّ ذلك»([18]).
وكل ما سبق يؤكد أن الحوار مشروع وحق لجميع إخواننا المسلمين باختلاف جماعاتهم لبيان الحق الذي دلت عليه أدلة الكتاب والسنة، فمن أغلق باب الحوار والمناظرات فقد سعى للفرقة وشق الصف، وكان من الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف، وأما المبتدع الذي عظمت بدعته وعرف بعناده للحق وعدم قبوله للحجج فإن العالم البصير يتحرى المصلحة الشرعية في عصره وبلدته، فإذا رأى أنه لا مصلحة في مناظرته كما فعل بعض السلف فإنه لا يناظر درءا للمفاسد وجلبا للمصالح حتى لا يغتر بضلاله وشبهه العوام وصغار الطلاب.
——- الحواشي ——–
([1]) تصغير ذهبة.
([2]) عيناه داخلتان في محاجرهما لاصقتان بقعر الحدقة.
([3]) بارز.
([4]) إزاره مرفوع عن كعبه.
([5]) وفي رواية أن القائل: عمر بن الخطاب كما في رواية البخاري [(3/1321 رقم 3414)] .
([6]) بضادين معجمتين مكسورتين بينهما تحتانية مهموزة ساكنة وفي آخره تحتانية مهموزة.. [ بمعنى النسل والعقب]
([7]) أخرجه البخاري في صحيحه [ كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) إلى آخره (6/2702 رقم 69955)]، مسلم في صحيحه [كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ( 2/741 رقم 10644)] كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري، وقوله: «كما يمرق السهم من الرمية » أي يخرجون خروج السهم إذا نفذ من الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شيء منه، والرمية هي الصيد المرمى [ كذا في شرح مسلم للسيوطي (3/153)] وهو كناية عن بُعدهم عن الدين ومروقهم منه بتضليل الأمة وتكفيرها، والله أعلم.
([8]) وهذا محتمل، ولا ينافي الجزم في كونه سيخرج من صلبه الخوارج، لأن إخبار النبي عليه الصلاة والسلام بخروجهم واقع لا محالة، إذ ذلك من قدر الله.
([9]) الحرقات موضع ببلاد جهينة.
([10]) أخرجه مسلم في صحيحه [ كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله (1/96رقم 96)].
([11]) انظر زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (3/398) في سرده الرائع الرائق للقصة.
([12]) أخرجه البخاري في صحيحه [ كتاب الجهد والسير، باب الجاسوس، وقول الله تعالى: (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) ( 3/1095 رقم28455) ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم وقصة حاطب بن أبي بلتعة (4/1941 حديث رقم 2494) كلاهما من حديث علي.
([13]) هو جزء من الحديث السابق.
([14]) أخرجه البخاري في صحيحه [ كتاب الحدود، باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة، (8/158 حديث رقم 6780)].
([15]) أخرجه الترمذي في جامعه [كتاب المناقب، باب 19 في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، (5/685، حديث رقم 3699)].
[16] بلدة بالكوفة.
([17]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [ما ذكر في الخوارج، (15/326، أثر رقم 39085)] كما أخرجه غيره.
([18]) ابن تيمية، منهاج السنة (5/241).