السبت 30 ربيع الآخر 1446 هـ || الموافق 2 نونبر 2024 م


قائمة الأقسام   ||    قواعد واصول العقيدة والتوحيد    ||    عدد المشاهدات: 5542

الحلقة (8)

القاعدة الثامنة

مشركو العرب في القديم والحديث يعبدون الله إلا أنهم يشركون في عبادته غيْرَه بحجة طلب القربى أو الشفاعة

ودليل ذلك قوله تعالى: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ"([1]).

ودليل الشفاعة قوله تعالى: "ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ، وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ"([2]).

فالمشركون في العصر القديم ما وحَّدُوا الأصنام وأفردوها بالعبادة، وإنما كانوا يعبدون الله سبحانه وتعالى مع الشرك الأكبر، فهذه الأصنام والأوثان التي عُبِدت في زمانهم من دون الله إنما اتخذوها من أجل أن يتقربوا بها إلى الله سبحانه وتعالى لا من أجل أنها هي التي خلقتهم، بل لكونها عبارة عن صورٍ لصالحين في العهد القديم ، فلما صُوِّرتْ هذه الصُور على هيئة أصنام عبدوها من دون الله من أجل أن يستغيثوا بها لتُقَربهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وأيضاً أنهم كانوا يتوسلون بها من أجل طلب الشفاعة كما قال تعالى: "وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ".

وبماذا يعللون؟؟

الجواب: بقولهم "هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ"([3]).

حيث جعلوا هؤلاء كوسائط وقربى يتقربون بصورهم كأصنام إلى الله.

فلو أن رجلاً مسلماً في عصرنا الحديث استغاث بمن مات من الصالحين أو تبرك بالأضرحة والأتربة من باب أن هذه الأعمال تقربه إلى الله بحجة صلاح الميت وقربه من الله لحكمنا عليه بأنه قد وقع فيما وقع فيه المشركون قديماً لأن الجميع عبد الله ولكن جعلوا بينهم وبين الله واسطة بحجة أنها تنفعهم وتشفع لهم عند ربهم.

هذه جاهلية المشركين التي أنكرها الله في كتابه الكريم بقوله تعالى:" قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ" ([4]).

ولو أدرك عقلاء التصوف خطر ما هم فيه وخصوصاً أصحاب الطريقة النقشبندية والرفاعية، وعقلوا ذلك جيداً، وكثيرٌ منهم يعقل - لولا المصالح الدنيوية والهوى- لأدركوا أنهم يأتون بأفعال المشركين أصحاب القرون الغابرة.

فهذا أحد مشايخهم يقول: إنه رأى في منامه سيدنا الخضر فقال له:

تعال أعلمك الطريقة الوحيدة التي ستوصلك إلى الجنة وبغيرها لا تنجو

من عذاب النار فعلمه المذهب الصوفي بالطريقة النقشبندية!!

وذاك يذبح للقبر.

وآخر يطوف حوله ويقول: لبيك اللهم لبيك.

وآخر يتمسح به لعله أن يرفع ما به من ضر ... وهلم جراً، ومثل المتصوفة الرافضة وبعض الطوائف التي تجعل قبور مشايخهم وساداتهم في مقام العبودية كما تفعل المتصوفة.

فيا سبحان الله كيف غفلت قلوبهم، أو كيف أغفلوها عن قول الحق المألوه جل شأنه: "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي([5]) وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"([6]).

 


([1])  سورة الزمر ، الآية رقم :3.

([2])  سورة يونس الآية رقم :18.

([3])  سورة يونس ، الآية رقم :18.

([4])  سورة الرعد ، الآية رقم: 16.

([5])  ذبحي.

([6])  سورة الأنعام ، الآية رقم : 162 ، 163.

 




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام