السبت 18 ذو الحجة 1446 هـ || الموافق 14 يونيو 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 5845

الفرق بين أنواع التوحيد عند أهل السنة والروافض

 بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني 


س 480: ما هي أنواع التوحيد وهل هي نفسها عند السنة والروافض؟


ج 480: أقسام التوحيد عند أهل السنة ثلاثة وهي: توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، ومنهم من زاد توحيد المتابعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أجيب عليه بأنه داخل في الألوهية لأنا نؤله الله بما ورد في الكتاب والسنة.

ولا شك أن اليهود والنصارى والمشركين، ومن هو على شاكلتهم معترفون بتوحيد الربوبية، بل هم معترفون تماماً أن دعوة رسلهم كانت لتوحيد الألوهية لكونهم كانوا يعرفون ويعتقدون أن الله هو الخالق والرازق والمدبر وهذا أمر مطرد عند أهل السنة والجماعة لم يخالفهم سوى المبتدعة مِمَنْ يَدَّعِي أن دعوة الرسل كانت إلى توحيد الربوبية ليس غير، لِيُجِيزوا للأمة الاستغاثة بالمقبور والاستعانة بالجن والموتى ونحوها، ليحققوا من رواء ذلك مآرب شتى، ومصالح دنيوية مختلفة، ولمحاربة أهل الحق [أهل السنة والجماعة] الذين منعوا ذلك بحجة أن هذا القول يمانع قيام توحيد الألوهية - التوحيد الخالص - الذي من أجله جاءت الرسل، وأنزلت الكتب، ووضع فيصلاً بين الكفر والإيمان، وبهذا التوحيد الصحيح نطقت صرائح الكتاب والسنة:

قال تعالى: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ(1) فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ(2) عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ"(3).

وما من رسول إلا ودعا قومه إلى توحيد الألوهية.

فهذا خليل الله إبراهيم يدعو قومه إلى هذا التوحيد الخالص فيقول الله تعالى على لسانه: "وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"(4).

وكذلك نبي الله شعيب: "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا(5) فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ"(6).
 
وكذا نبي الله صالح: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ"(7).

وكذلك صاحب السفينة نبي الله نوح أرسله الله ليبلغ توحيد الألوهية: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ"(8).
 
وجميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام دعوا قومهم إلى عبادة الله وحده قائلين لأقوامهم قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا.

أما توحيد الربوبية فالكل مقرٌ به حتى عدو الله إبليس ألم يقل الله على لسانه: "قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"(9).

وكذا المشركون ومن شاكلهم مقرون بتوحيد الربوبية كما قال تعالى: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى(10) يُؤْفَكُونَ(11)"(12).

وقال جل ذكره: "ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء، فأحيا به الأرض مِنْ بعد موتها، ليقولن الله، قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون"(13).

وقال تعالى: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى(14) يُؤْفَكُونَ(15)"(16).

وكذلك اليهود لولا أنهم قالوا عزيرٌ بن الله، وكذلك النصارى لولا أنهم قالوا عيسى بن الله، فهم مشركون في توحيد الألوهية ومقرون بتوحيد الربوبية.

فإذا كان الأمر كذلك فخلافنا مع الكفرة إنما هو في توحيد الألوهية والذي بوجوده يستلزم تنزيه الله تعالى بأسمائه وصفاته.

وقد نطقت السنة بأن دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام كانت إلى هذا التوحيد الخالص:
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن، فقال:" ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"(17).

وأما الروافض فأقوام لا يعترفون بتوحيد الأسماء والصفات وعندهم خلل في توحيد الألوهية ويدعون أن دعوة الرسل كانت إلى توحيد الربوبية ولكن ماذا بعد الحق إلا الضلال وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــ
([1]) اتركوا كل معبود دون الله كالشيطان والكاهن والصنم وكل من دعا إلى الضلال.
([2]) وجبت و لزمته لاختياره إياها.
([3]) سورة النحل، الآية (36).
([4]) سورة العنكبوت، الآية (16).
([5]) العثو والعثي: أشد الفساد وكثرته والبغي"الظلم" والعمل بالمعاصي، عثي يعثى عثا يعثو بمعنى واحد, وقيل: هو الفساد مطلقا، وقيل العثو: الفساد المستور والفساد يقال للظاهر.
([6]) سورة العنكبوت، الآية (36).
([7]) سورة النمل، الآية (45).
([8]) سورة المؤمنون، الآية (23).
([9]) سورة الحجر، الآية (36).
([10]) كيف.
([11]) يصرفون عن الحق.
([12]) سورة العنكبوت، الآية (61).
([13]) سورة العنكبوت، الآية (63).
([14]) كيف.
([15]) يصرفون عن الحق.
([16]) سورة الزخرف، الآية (87).
([17]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الزكاة, باب وجوب الزكاة (3/505 رقم 1331)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/50 رقم 19)] كلاهما من حديث ابن عباس.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام