الجمعة 19 رمضان 1445 هـ || الموافق 29 مارس 2024 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 5404

خروج المرأة المسلمة للعمل

 بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني 


س 545: هل يجوز للمرأة المسلمة الخروج إلى العمل؟


ج 545: لا مانع ولا يلزم وجود المحرم معها إلا في ثلاث مسائل على المشهور:

الأولى: عند السفر.

والثانية: إن دخلت على رجل من أجل العلاج ونحوه أو دخل رجل عليها ودليل هاتين الحالتين ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم"(1).

الحالة الثالثة: إذا أرادت أن تذهب إلى السوق أو المسجد أو تزور جارتها أو أقاربها وخشيت الفتنة لزم وجود المحرم من باب درء المفسدة.

والقاعدة في هذا الباب: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

وفي الحديث الحسن لغيره من حديث ابن عباس وعبادة بن الصامت مرفوعاً: "لا ضرر ولا ضرار"(2) أخرجه أحمد وابن ماجة وغيرهما.

وبشرط أن يكون عملها خاصاً بالنساء بمعنى ليس هناك اختلاط بين الرجال والنساء وإلا فهو حرام.

إذ لا يجوز للنساء أن يختلطن بالرجال بحجة الوظيفة وأفحش من ذلك أن يلتقي الموظف بزميلته الموظفة كما يقال، وينظر إليها وتنظر إليه ويتحدثا مع بعض من غير حجاب بحجة حاجة العمل وهذا حرام بالاتفاق لقول الله عز وجل في محكم التنزيل: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا(3) مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى(4)"(5).

وقوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً(6) فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"(7).

وقال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ(8) زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"(9). أي ما ظهر منها كالوجه والكفين عند غياب الرجال إذا ذهبت السوق ونحوها وأما عند رؤية الرجال إن خشيت الفتنة كما هو الحال في عصرنا فلا يجوز لها ذلك.

كما لا يحل لها أن تخلو مع الرجل في الوظيفة حتى وإن كانت محجبة إلا بوجود محرم لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت(10) في غزوة كذا وكذا قال: "ارجع فحج مع امرأتك"(11) متفق عليه.

والمرأة خير لها تعمل في مجتمع نسائي أو أن تبقى في البيت لأنها مظنة للفتنة ولا تخرج إلا لحاجة أما أن تشارك الرجال أعمالهم وتنافسهم في الوظائف وتخلط بهم فلا يجوز.

وقد أخرج الترمذي في جامعه بإسناد صحيح من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها(12) الشيطان"(13).

وصدق الله إذ يقول: "وقرن(14) فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ(15) تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ(16) أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"(17).

 وفق الله الجميع لطاعته وبالله التوفيق. 
ــــــــــــــــــــــــــ
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الحج، باب حج النساء (2/658 رقم 1763)]، مسلم في صحيحه [كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (2/978 رقم 1341)] كلاهما من حديث ابن عباس.
([2]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند بنى هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم (1/313 رقم 2867)] من حديث بن عباس.
([3]) يكفوا وينقصوا من النظر ويطبقوا جفونهم على أعينهم عما لا يحل أو يصرفوا أبصارهم عنه.
([4]) أطيب و أطهر وأنمى.
([5]) سورة النور، الآية (30). 
([6]) حاجة و شيئًا ينتفع به ويستمتع به.
([7]) سورة الأحزاب، الآية (53).   
([8]) ولا يظهرن.
([9]) سورة النور، الآية (31).
([10]) كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزاة.
([11]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل يؤذن له (3/1094 رقم 2844)], مسلم في صحيحه [كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (2/978 رقم 1341)] كلاهما من حديث ابن عباس.
([12]) زينها في نظر الرجال وقيل أي نظر إليها ليغويها ويغوى بها والأصل في الاستشراف رفع  البصر للنظر إلى الشيء وبسط الكف فوق الحاجب.
([13]) أخرجه الترمذي في سننه [كتاب الرضاع، باب (18) (3/476 رقم 1173)] من حديث عبد الله بن مسعود.
([14]) استقررن وليكن عليكن الوقار.
([15]) تظهرن ما يفتن غيركم.
([16]) كل مستنكر ومستقذر من الأعمال.
([17]) سورة الأحزاب، الآية (33).




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام