السبت 7 ذو القعدة 1444 هـ || الموافق 27 ماي 2023 م


قائمة الأقسام   ||    الأسئلة النجدية 1443هـ    ||    عدد المشاهدات: 1145

حكم التصوير بجميع أشكاله الفوتوغرافي والرسم والفيديو وعبر الجوال والساعة ونحوها من وسائل التصوير الحديثة

 بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني


س 03: ذهبتم في بعض كتبكم وفتاويكم إلى أن صور وتصوير ذات الأرواح محرم إلا ما كان متحركاً كالتصوير التلفزيوني أو الفيديو وخاصة ما كان منه للفائدة ثم أنشأ طلاب سماحتك ومن حولك مجموعة قنوات شرعية فضائية وقنوات على اليوتيوب تحتوي على فيديوهات محاضرات ودروس ونحوها، لكن المشاهد أننا وجدنا لفضيلتكم بعض الصور الثابتة على الشبكة العنكبوتية، فما هو تعليق فضيلتكم؟


ج 03: نعم أنا ذهبت إلى حرمة التصوير بجميع أشكاله إلا ما كان متحركاً كالفيديو لأنه حبس حركات وحفظها متحركة كما هي، والمنهي عنه في الشرع المطهر كله يتحدث عن الصور الثابتة والمنحوتة والرسم، ويستثنى من ذلك ما كان صورة لأجل بطاقة الأحوال أو الجواز ونحوها مما تدعو له الحاجة، وقد ناقشني في هذه المسألة قبل سنوات عام 1441هـ وعام 1442هـ وما بعدها عدة مرات بعض مشايخي معترضاً على جوابي، حيث وضع أمامي ثلاثة اعتراضات:

الاعتراض الأول: أن النهي كان لعلة ألا تعظم هذه الصور وتعبد من دون الله كما فعل المشركون، فنحتوا الصور وعبدوها من دون الله لكن إن أمنت هذه العلة فقد انتفى الحكم بالحرمة.

الاعتراض الثاني: قوله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" فيه إشارة إلى أن صور الأنبياء كانت محفوظة عند أهل الكتاب والوحي يتنزل فلم يعترض الوحي على ذلك.

الاعتراض الثالث: أن التصوير الفوتوغرافي حبس ضوئي للصورة كما أن ماء المسبح حبس لصورة من وقف على شفيره وليس تصويراً.

ومنذ ذلك الحين وأنا أعمل فكري بهذه الاعتراضات وإن كنت قد ترجلت أمام فضيلته بالجواب:

فالاعتراض الأول يتصادم مع حديث عائشة الذي في الصحيحين قالت:
إنَّها اشتَرَت نُمرُقةً فيها تصاوير، فلمَّا رآها رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام على البابِ، فلم يَدخُلْه، فعَرَفْتُ في وَجهِه الكراهيَةَ، فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أتوبُ إلى اللهِ، وإلى رَسولِه، ماذا أذنَبْتُ؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما بالُ هذه النُّمرُقةِ؟!" قلتُ: اشتَرَيتُها لك لتَقعُدَ عليها وتَوَسَّدَها، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يومَ القيامةِ يُعَذَّبونَ، فيُقالُ لهم أحْيُوا ما خَلَقْتُم"، وقال: "إنَّ البيتَ الذي فيه الصُّوَرُ لا تَدخُلُه المَلائِكةُ".

فعائشة ومن حولها أمِنوا هذه العلة فلم ينتف الحكم بالحرمة، ومن جهة أخرى أن عائشة  لم تأت بالنمرقة التي فيها صور لتعظمها أو تعبدها من دون الله حاشا وكلا، بل تمزيقها دليل على شدة حرمتها استقلالاً، وزد على ذلك قول عائشة "فعَرَفْتُ في وَجهِه الكراهيَةَ "، وزد أيضاً على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : "إنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يومَ القيامةِ يُعَذَّبونَ، فيُقالُ لهم أحْيُوا ما خَلَقْتُم، وقال: إنَّ البيتَ الذي فيه الصُّوَرُ لا تَدخُلُه المَلائِكةُ".

وأما الاعتراض الثاني: وهو في قوله تعالى "يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" فإنه وإن كان فيه إشارة إلى أن صور الأنبياء كانت محفوظة عندهم والوحي يتنزل، ومنها أيضاً التي كانت عند هرقل، وإن كان في رواية هرقل في الصور نظر.

فالجواب: أن حديث عائشة السابق وغيره في حرمة صور ذات الأرواح من الوحي، وهو كافي على أن هذا إنكار شرعي على أهل الكتاب وغيرهم.

الاعتراض الثالث: وهو أن التصوير الفوتوغرافي حبس ضوئي للصورة كما أن ماء المسبح حبس لصورة من وقف على شفيره وليس تصويراً.

فالجواب: أن الحبس الضوئي خرج بصورة من خلال كاميرة من صنع البشر صنعوها لأجل التصوير الثابت، والمصور بها يتحكم بحجم الصورة ووضوحها ودرجتها وتقريبها وابعادها فهو المصور لكن بوسيلة مخترعة حديثاً بتكنولوجيا متطورة أما الكاميرا فجماد لا يتحرك إلا بكائن حي وهو هذا المصور، فلا نخترع في أذهان الناس كذبة ونقول لا دخل للإنسان بالتصوير الفوتوغرافي وإنما هذه الآلة هي التي صورت، فهذا هجس شيطاني، وتلاعب بحكم شرعي سواء كانت الكاميرا مستقلة أو عبر الجوال أو الساعة أو أي وسيلة شرعية أخرى، ولا يمكن لأحد أن يقول إنها ليست صورة مشاهدة وأنها لا تحفظ كما تحفظ صورة الرسم اليدوي، لذا لا بد من التأمل في كل ما ذكرناه حتى لا يكون للشيطان مدخل على أحد.

أما صورة الشخص في الماء فليست محبوسة ولا يمكن حفظها ولا طبعها وحالها كحال المرآة تماماً، فانتفى الاحتجاج بهذا الاعتراض.

فبقيت الحرمة قائمة للصور الثابتة لكنه قد يتجاوز فيها للحاجة كأن تتصور لأجل بطاقة الأحوال أو الجواز أو لأجل جهة رسمية طلبت ذلك، أو صورة لأجل ذكرى أحرجت بسببها فأرجو ألا بأس بذلك، والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام