حكم إهمال الزوج لزوجته وقضاء وقت فراغه مع أقاربه وأصدقائه وتركها لوحدها في البيت
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س601: ما حكم إهمال الزوج لزوجته وقضاء وقت فراغه مع أقاربه وأصدقائه وتركها لوحدها في البيت؟
ج601: هذا من القصور الذي لا يجوز شرعاً إذ للزوجة على الزوج المطعم والمشرب والنفقة والتعليم والمؤانسة لما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟
فقلت: بلى يا رسول الله.
قال: فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله، فشددتُّ فشدد علي.
قلت: يا رسول الله إني أجد قوة.
قال: فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه.
قلت: وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام.
قال: نصف الدهر فكان عبد الله يقول بعد ما كبر يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم"(1).
وأخرج البخاري في صحيحه من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلة(2) فقال لها: ما شأنك؟
قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً.
فقال: كل فإني صائم.
قال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل.
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام ثم ذهب يقوم.
فقال: نم فلما كان آخر الليل.
قال سلمان: قم الآن.
قال: فصليا.
فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًا ولنفسك عليك حقًا ولأهلك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان"(3).
فيلزم الزوج ألا يشغل وقته كله مع أقاربه وأصدقائه وبعض أموره وينسى زوجته فإنه مسئول عنها.
قال تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ"(4).
وفي الصحيين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته"(5).
وأخرج مسلم في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته"(6).
وفي غيره: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت"(7).
وفي رواية أخرى: "من يعول"(8).
وفق الله الجميع لطاعته، وبالله التوفيق.
ــــــــ
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم (2/697 رقم 1874)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم (2/812 رقم 1159)] كلاهما من حديث عبد الله بن عمرو العاص.
([2]) لابسة ثياب البِذْلة وهي المهنة وزنا ومعنى، وهي ما يمتهن منها في الخدمة والشغل غير متزينة ولا مهتمة بنفسها فقيل لباسها خشن وشعرها شعث.
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له (2/694 رقم 1867)] من حديث أبي جحيفة.
([4]) سورة الصافات، الآية (24).
([5]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن (1/304 رقم853)]، ومسلم في صحيحه [كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الإمام الجائر (3/1459 رقم 1829)] كلاهما من حديث ابن عمر.
([6]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب الزكاة, باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم (2/692 رقم 996)] من حديث عبد الله بن عمرو.
([7]) أخرجه النسائي في سننه [كتاب عشرة النساء، باب إثم من ضيع عياله (5/374 رقم 9177)] من حديث عبد الله بن عمرو.
([8]) أخرجه النسائي في سننه [كتاب عشرة النساء، باب إثم من ضيع عياله (5/374 رقم 9176)] من حديث عبد الله بن عمرو.