سبع جلسات تفاهم مع منكر السنة (5)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
الجلسة الخامسة: هل إنكار السنة حل؟ أم تهديم لبنية الدين؟
حين يطرح إنكار السنة بزعم العودة إلى القرآن وحده، يبدو الطرح في ظاهره عقلانيا، لكنه في الحقيقة فراغ لا يملأ، وهدم لا بناء فيه، وهوى مسير للعقل وصاحبه إلى الضلال والكفر.
ولذا لما قدم إبليس عقله على أمر الله وشرعه، استحق اللعنة والطرد، وكل من قدم عقله على شرع الله أشبه إبليس في صنيعه وعناده.
اسأل نفسك: كيف ستصلي؟، وكم عدد الركعات، وما الذي تقرأ؟ ومتى تركع وتسجد؟ وماذا تقول في صلاتك؟
كيف ستزكي؟ هل تعرف مقادير الزكاة وأنصبتها من القرآن وحده؟
كيف ستصوم؟ متى تبدأ وتمسك؟ وما المفطرات؟
كيف تحج؟ كيف تطوف؟ أين ترمي الجمرات؟ كم عدد الأشواط؟
كيف تطبق حدود الله؟ هل تفاصيلها مذكورة في القرآن؟
القرآن أمر بالصلاة، لكنه لم يبيّن كيفيتها.
وأمر بالزكاة، ولم يذكر نصابها ولا أنصبتها.
أومر بالحج، ولم يفصل مناسكه.
فمن أين جاء كل ذلك؟
من السنة التي أنكرها من عبد هواه وقدم عقله على الشرع،
ظنوا أن بإنكارها سيكون لهم دين قرآني صافٍ، لكن الحقيقة أن ما ينتج عن ذلك هو دين مبتور، ناقص، مشوه، لا قوام له ولا تطبيق.
إنكار السنة لا ينتج دينا عقليا، بل ينتج دينا متخيلا هشا لا يصلي الناس فيه صلاة صحيحة، ولا يصومون صوما سليما، ولا يزكون، ولا يحجون، ولا يعرفون حدود الله، ولا يملكون إلا نصوصا معطلة لا سبيل إلى تنفيذها.
وهذا هو الخطر الأعظم:
إن إنكار السنة ليس آخر السقوط، بل أول السقوط.
فكثير ممن أنكروا السنة، لم يقفوا عند هذا الحد، بل جرهم ذلك إلى إنكار القرآن نفسه، ثم إلى الإلحاد الكامل.
فمن أسقط السنة، فقد أسقط البيان، وأسقط الفهم، وأسقط التطبيق، وفتح الباب لتأويلات باطلة باسم العقل، وانتهى الأمر إلى نسف الدين كله من الجذور.
فهل هذه هي الحرية التي نبحث عنها؟
أم هو التيه الفكري الذي يغري أول الطريق، ويهلك آخره؟
نكمل غدا بإذن الله، مع الحلقة قبل الأخيرة.