السبت 18 ربيع الآخر 1447 هـ || الموافق 11 أكتوبر 2025 م


قائمة الأقسام   ||    أربع حلقات مهمة في بناء الأسرة السعيدة    ||    عدد المشاهدات: 42

أربع حلقات مهمة في بناء الأسرة السعيدة (3)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني 

الحلقة الثالثة: التربية الصالحة للأبناء


من أعظم مقاصد الزواج في الإسلام أن يرزق الزوجان ذرية طيبة تكون عونا لهما في الدنيا، وذخرا لهما بعد الموت. 
قال الله تعالى: (والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما).

لكن قرة العين لا تكون بالمال ولا بالمناصب، إنما تكون بتربية الأبناء على الدين والخلق.

ولبيان هذا الموضوع، إليكم أبرز محاوره: 

أولا: المسؤولية الشرعية في التربية.

الأبناء أمانة عند الوالدين، والله سائل كلا عما استرعاه.

 قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته… والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها).

فالتربية ليست خيارا، بل هي تكليف شرعي ومسؤولية أمام الله.

ثانيا: القدوة الصالحة.

الأبوان هما أول مدرسة للطفل، والأبناء يقلدون أفعال والديهم أكثر من أقوالهم.
وقد اتفق العلماء على أن: (صلاح الآباء سبب لصلاح الأبناء)، واستشهدوا بقوله تعالى عن الغلامين اليتيمين: (وكان أبوهما صالحا).

فالقدوة العملية في الصلاة، في الصدق، في الأمانة، أعظم أثر من آلاف الكلمات.

ثالثا: غرس العقيدة والإيمان.

أول ما ينبغي أن يغرس في قلب الطفل هو التوحيد والإيمان. 
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهو صغير كما ثبت في الترمذي وغيره:
(يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك).

وهكذا كان الصحابة يربون أبناءهم على العقيدة منذ نعومة أظفارهم.

رابعا: تعليم الصلاة والعبادة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عند أبي داود وغيره: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).

فمن نشأ على حب الصلاة تعلق قلبه بالمساجد، وصار عبدا لله لا عبدا للشهوات.

خامسا: التربية على الأخلاق.

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عند أبي داود وغيره: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق).
فينبغي تعليم الأبناء الصدق، والبر، والرحمة، وحب الخير للناس.

ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك (119/1): أن الإمام مالكا قال: (كانت أمي تعممني وتقول: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه).

سادسا: الحماية من الفساد.

الأبوان مسؤولان عن حماية أبنائهما من رفقة السوء والإعلام الفاسد، ومن الانحرافات التي تهدم الدين والأخلاق.

فمن زرع في قلب ابنه القرآن والفضيلة، جنى صلاحا، ومن أهمل زرع الباطل والهوى، حصد فسادا.
لذلك يجب على الآباء: مراقبة البيئة التي ينشأ فيها الطفل، وخصوصا: (المدرسة، والأصدقاء، ووسائل الإعلام كالتلفاز والنت والجوال).

سابعا: الدعاء للأبناء.

الدعاء سلاح المربين. كم من أم رفعت يديها في جوف الليل تدعو لولدها، ففتح الله له أبواب التوفيق!
قال إبراهيم عليه السلام: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي).
وقال يعقوب عليه السلام: (سوف أستغفر لكم ربي).
لذلك يجب على الأبوين: تحصين الأسرة بالدعاء المستمر لهم بالهداية والبعد عن الفساد.

ثامنا: ثمار التربية الصالحة.

من أبرز هذه الثمار ما يلي:

الأولى: أبناء صالحون يبرون والديهم أحياء وأمواتا.

الثانية: دعاء لا ينقطع بعد الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث- وذكر منهن - وقال: ولد صالح يدعو له).

الثالثة: صلاح المجتمع، فالبيت هو نواة الأمة، وإذا صلح البيت صلحت الأمة.

والحاصل: أن السعادة الحقيقية ليست في المال ولا في القصور، بل في ذرية صالحة تقر بها العين في الدنيا، وتدعو للوالدين بعد الموت.

فليحرص كل أب وأم على غرس الدين والخلق في قلوب أبنائهم، وليتذكروا أن هذه الأمانة سيسألون عنها يوم القيامة.

قال الله تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم).

التربية الصالحة أعظم استثمار في الحياة، وهي الضمانة لأسرة سعيدة في الدنيا، وجنة باقية في الآخرة.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام