السبت 18 ربيع الآخر 1447 هـ || الموافق 11 أكتوبر 2025 م


قائمة الأقسام   ||    أربع حلقات مهمة عن كرتون الأطفال وألعاب الجوال والألعاب الإلكترونية    ||    عدد المشاهدات: 12

أربع حلقات مهمة عن كرتون الأطفال وألعاب الجوال والألعاب الإلكترونية (4)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني 

الحلقة الرابعة والأخيرة: جيل القرآن، كيف نصنع طفولة نقية وعقيدة راسخة


إذا كنا نتحدث عن أخطار الكرتون والألعاب الإلكترونية التي تغزو عقول الصغار، فلا بد أن نتحدث أيضا عن الحلول التي تصنع البديل، وتعيد للطفولة معناها النقي. فليس الهدف أن نمنع أبناءنا من كل وسيلة ترفيه، بل أن نهديهم ترفيها يربي النفس والعقل معا، ويغرس فيهم الإيمان والحياء، ويجعلهم لبنات صالحة في بناء الأمة.

أول الطريق يبدأ من البيت، من الوالدين اللذين يعلمان أن التربية عبادة قبل أن تكون مسؤولية. 
البيت الذي تتلى فيه آيات القرآن بصوت خاشع وحنون، هو بيت لا يمكن أن ينشأ فيه قلب غافل. 
الطفل الذي يسمع قصة يوسف من فم أبيه، أو قصة موسى من أمه، يتشرب من خلالها الصبر والعفة والثقة بالله أكثر مما يتعلمه من أي درس مدرسي.

قصص القرآن ليست حكايات تروى للنوم، بل منهج حياة يعلم الأطفال كيف يحبون الله، وكيف يعرفون رحمته وعدله وقدرته. 
فيها يرى الطفل أن الإيمان نجاة، وأن الصبر طريق النصر، وأن الظلم زائل مهما طال، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وكذلك قصص السنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي كنز لا ينضب في تربية القلوب. 
فحين يسمع الطفل أن النبي كان يلاعب الحسن والحسين، ويقوم للجارية ليأخذ بيدها، ويتواضع مع الصغير والكبير، يدرك أن العظمة في الرحمة، وأن القوة في الأخلاق، وأن القدوة ليست في بطل خيالي، بل في نبي أرسله الله رحمة للعالمين.

ثم تأتي قصص السلف الصالح لتغرس فيهم معاني الصدق والكرم والحياء والبر. 

كم من طفل تغيرت رؤيته للحياة عندما سمع أن ابن عمر كان لا يأكل طعاما إلا وعلى مائدته يتيم يشاركه فيه كما في (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم الأصفهاني 1/299)، وأن عمر بن عبد العزيز بكى من خوف الله وهو خليفة، وأن الشافعي كان يحفظ القرآن صغيرا لأنه وجد في العلم لذة أعظم من اللعب.

ولكي تكون هذه المعاني واقعية لا مجرد حكايات، يجب أن تترجم إلى سلوك يومي في البيت والمدرسة. 

نعلم أبناءنا أن الصلاة ليست عادة بل عبادة وصلة، وأن الصدق لا يمارس خوفا من العقاب فحسب بل حبا في الله، وأن البر بالوالدين عبادة تدخل الجنة. 
نزرع فيهم حب النفع للناس، وخدمة المجتمع، والرحمة بالحيوان، والرفق بالضعيف، لأن الإسلام لا يصنع عبادا منعزلين، بل بناة للحياة.

ومن أهم ما يجب تعويد الطفل عليه منذ نعومة أظفاره: حفظ القرآن الكريم، وتعليمه الإملاء والخط الجميل ومبادئ الحساب. 
فالقرآن يغذي الروح ويهذب القلب، والإملاء والخط يصقلان الفكر ويمنحان النظام والدقة، والحساب يعلمه الانضباط والمنهجية. 
إن الطفل الذي يحفظ كلام الله، ويكتب بيده جمل الإيمان، ويحسب أرقامه بعقل منظم، هو طفل يجمع بين نور الوحي ونظام العلم.

ومن الوسائل العملية في تربية الطفل وتعليمه وتهذيبه ما يأتي:

أولا: تخصيص وقت يومي أو أسبوعي لقراءة قصة من القرآن أو السيرة ومناقشتها مع الأبناء.

ثانيا: تعويد الطفل على حفظ آيات قصيرة، مع تعويده القراءة الصحيحة لحين يتم حفظ المصحف، وتدريبه على الإملاء والخط في دفاتر مخصصة.

ثالثا: تشجيعه على حل مسائل حسابية بسيطة تنمي ذهنه وتربي فيه حب النظام والدقة.

رابعا: إنتاج محتوى مرئي وصوتي إسلامي منضبط بديل يقدم بلغة عصرية مشوقة لأطفالنا.

خامسا: تشجيع الطفل على المشاركة في أنشطة خيرية تطوعية تناسب عمره.

سادسا: ربط الطفل بالمسجد وحب العلم والعلماء الربانيين، وغرس عادة الدعاء والذكر منذ الصغر، ليكبر وهو يرى في الله ملاذه وأمانه.

سابعا: توفير مكتبة منزلية مصغرة فيها كتب للأطفال عن العقيدة الصحيحة والعلم وقصص الأنبياء والصحابة والصالحين.

الأطفال لا يحتاجون إلى عالم من الصور الزائفة، بل إلى قدوة صادقة تملأ قلوبهم نورا وطمأنينة. 
إن من شب على حب القرآن والسنة نشأ ثابتا في زمن الاضطراب، نافعا في مجتمعه، بارا بوالديه، رحيما بإخوانه.

قال الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة).

فليكن غرسنا في أبنائنا غرس إيمان وأخلاق، ليكونوا ثمارا طيبة في دنيا فاسدة، وذخرا لنا يوم نلقى الله.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام