هل هناك من أهل العلم من قدم سنن النسائي على صحيح مسلم؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س8: هل هناك من أهل العلم المعتمدين من قدم سنن النسائي على صحيح مسلم؟
ج8 : ليس لهذا الكلام أصل في تقديم سنن النسائي على صحيح مسلم بل الأئمة مجمعون على تقديم الصحيحين البخاري ومسلم على بقية كتب الحديث الأخرى لأسباب عدة:
الأول: لقوة شرطهما في الرواة.
الثاني: لقلة من انتقد من رواتهما.
الثالث: أن جملة الأحاديث المنتقدة عليهما من حيث الصحة قليلة بالنسبة لما صح فيهما.
الرابع: أنهما اشترطا الحديث الصحيح المجرد في الأصول بغض النظر عن الرويات الأخرى في باب الشواهد والمتابعات.
ولم يقدم أحد من أهل السنة و الأثر سنن النسائي على صحيح مسلم البتة.
وإنما قدموا الإمام أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي على الإمام مسلم في باب علم الرجال لأنه كان أحذق منه بالرجال وعلم الجرح والتعديل حتى عدوه في طبقة أبي حاتم والبخاري وأبي زرعة وهي أعلى من طبقة مسلم، بل هو أثبت في النقل من مسلم، وقد وصفه ابن الأثير بقوله "كان ورعا متحريا "كما في كتابه جامع الأصول .
فإن النسائي رحمه الله يقول في سننه: الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع ([1])ولا يقول حدثنا أو أخبرنا لورعه رحمه الله بخلاف من حدثوه وأخبروه، والسبب أن الحارث بن مسكين كان قاضيًا على مصر وبينه وبين النسائي شيء من الخشونة لم تكن تمكنه من حضور درسه، فكان النسائي يختبيء خلف باب المسجد ويسمع من الحارث رحمهما الله تعالى وبمثل ما حدث عن الحارث حدث عن غيره من المشايخ كمالك ويونس وسليمان بن داود ومحمد بن مسلمة وغيرهم كما في السنن الكبرى له، وقد نص الذهبي وغيره من الأئمة على تقديم النسائي على مسلم وعلى أبي داوود والترمذي من حيث علم العلل والرجال والورع.
أما صحيح مسلم من حيث الصناعة الحديثية والشرط فلا خلاف في تقديمه على الكتب الأربعة بما في ذلك سنن النسائي؛ وبالله التوفيق.
([1]) انظر كمثال: سنن النسائي الكبرى (1/441).