الجماعة الإسلامية الحقة هم أهل السنة والجماعة
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س 282: بارك الله فيكم، تعددت الجماعات الإسلامية وكلها تدعي أنها هي على الكتاب والسنة وأنا شاب استقمت والحمد لله قريبا على طاعة الله، وأريد منكم بارك الله فيكم أن ترشدوني إلى طريقة أستطيع بها التمييز ومعرفة الجماعة التي هي على الكتاب والسنة ومن هي الجماعة الحقَّة إذ الحق لا يتعدد؟
ج 282: الحق لا يتعدد كما قال جل شأنه في كتابه الكريم: "فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ"([1])، فالجماعة الإسلامية الحقة هم أهل السنة والجماعة من استقاموا على الاتباع وابتعدوا عن الابتداع.
الباقون المنصورون إلى قيام الساعة والناجون من النار بفضل ربهم ومليكهم ثم جزاء بما عنوا به من الاهتمام بالأثر علمًا وعملًا.
عليهم يصدق قول نبيهم عليه الصلاة والسلام: "لا تزال طائفة([2]) من أمتي ظاهرين([3]) على الحق لا يضرهم من خذلهم([4]) حتى يأتي أمر الله([5]) وهم كذلك"([6]) فهم المعتصمون بحبل الله المتين و بشرعه القويم.
من أبغضهم قصمه الله ومن أحبهم أحبه الله.
يحملون العلم وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
وهم المقصودون بحديث ابن مسعود كما في المسند قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: "هذه سبل متفرقة على كل سبيل([7]) منها شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"([8]).
فكل جماعة اهتمت بالدعوة إلى التوحيد ونبذ الفرقة وحذرت الأمة من الكلام في علماء المسلمين وبينت أخطار من فارق الجماعة وأعلن حربه على الولاة والحكام، وبينت خطر التحزب والعصبية الجاهلية ودعت الناس إلى اتباع الكتاب والسنة بفهم سلف هذه الأمة ونشرت العلم وجعلته حجة الله في أرضه فهذه هي بحق جماعة المسلمين التي يلزم المسلمين نصرتها والدفاع عنها واعتقاد عقيدتها وانتهاج منهجها.
ولن تجد هذه الأوصاف بهذه المثابة إلا في أهل السنة والجماعة فما دونها لا يخلو من الضلال والابتداع فالزم هذه الجماعة فإنها المقصودة بالحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة "قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي"([9]) والحديث حسن لغيره.
وأخرج أحمد بإسنادٍ حسن عن أبي هريرة أنه قال سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير، فقال: "أنا والذين معي ثم الذين على الأثر ثم الذين على الأثر"([10]) ثم كأنه رفض من بقي.
فأهل السنة هم أهل الأثر والحديث والعقيدة الصحيحة الذين تابعوا نبيهم عليه الصلاة والسلام في كل ما عمل وأمرهم به عملًا بقوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"([11]).
بخلاف غيرهم من الجماعات والتنظيمات والأحزاب المختلفة التي تنافي ما شرعه لا كثرها الله.
والزم ما أرشدك الله إليه وأوصاك به: "وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"([12]).
أسأل الله أن يوفق المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه، وبالله التوفيق.
_____
([1]) سورة يونس، الآية (32).
([2]) قيل: يحتمل أن تكون هذه الطائفة (الجماعة) متفرقة في أنواع المؤمنين ممن يقيم أمر الله من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وأمر بالمعروف وغير ذلك من أنواع الخير ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز ان يكونوا متفرقين في أقطار الأرض، قلت: بشرط التمسك بالكتاب والسنة بفهم السلف.
([3]) محصلين وناشرين.
([4]) ترك عونهم ونصرتهم، وسلك غير طريقهم.
([5]) بقبض أرواح المؤمنين بالريح التي تهب قبل قيام الساعة (القيامة) رجحه ابن حجر (الفتح 13/19) وغيره.
([6]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم (لا تزال ظائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم)(3/1523 رقم 1920)] من حديث ثوبان.
([7]) الطريق.
([8]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود (1/435 رقم 4142)] من حديث عبد الله بن مسعود.
([9]) أخرجه الترمذي في سننه [كتاب الإيمان، باب افتراق الأمة (5/26رقم 2641)] قال الترمذي هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه.
([10]) أخرجه أحمد في مسنده [مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (2/340 رقم 8464)] من حديث أبي هريرة.
([11]) سورة الأحزاب، الآية (21).
([12]) سورة الأنعام، الآية (153).