السبت 18 ربيع الآخر 1447 هـ || الموافق 11 أكتوبر 2025 م


قائمة الأقسام   ||    لله ثم للتاريخ، هذا ما أحدثه الحوثيون في اليمن    ||    عدد المشاهدات: 144

لله ثم للتاريخ، هذا ما أحدثه الحوثيون في اليمن (13)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني

الحلقة الثالثة عشرة: الحوثي ودور تحفيظ القرآن الكريم، من النور إلى التجهيل السياسي


في اليمن، كانت دور تحفيظ القرآن الكريم منارات للعلم، وبيوتا لتربية الأجيال على القرآن الكريم والسنة النبوية، وكان فيها الحفظ والتحفيظ والتدبر، والنصح، والخلق الحسن.

لكن حينما استولى الحوثي على مقاليد الأمور، لم تكن هذه الدور بمنأى عن مشروعه الذي يريد تحويل كل شيء إلى أداة طائفية سياسية.

ويمكننا إيضاح ذلك من خلال المحاور التالي:

أولا: تحويل دور التحفيظ إلى أداة طائفية.

لم تعد دور وحلقات التحفيظ التي تتبع الحوثي مكانا لتعليم القرآن وفهمه، بل صارت أدوات لنشر الفكر الحوثي، وغسل عقول الأطفال والشباب، عبر برامج محكمة التنظيم، تضع الولاء للجماعة فوق كل شيء.

تحولت المجالس القرآنية إلى جلسات خطابية تعبد السيد، وتروج لمشروعه، وتلهب الحقد على الخصوم، وتمدح الصرخة، وتغرس مشاعر الطائفية والكراهية في نفوس الصغار.

ثانيا: فرض مناهج مشوهة في تعليم القرآن

أُدخلت في مناهج دور وحلقات التحفيظ مواد ومفاهيم جديدة لا علاقة لها بالقرآن أو تعاليمه، بل بتفسيرات الحوثي وأفكاره السياسية، تدرس للأطفال قبل الحفظ نفسه.

وبدلا من تربية أجيال على تدبر القرآن الكريم، تربي الجماعة أجيالا على الولاء المطلق، والطاعة العمياء، والتعصب الفكري.

ثالثا: التضييق على دور وحلقات التحفيظ المستقلة

الكثير من دور التحفيظ التي كانت مستقلة عن الجماعة، أو ترفض التوجيه الحوثي، تم إغلاقها، أو الاستيلاء عليها، أو أجبرت على تغيير مواعيدها، أو استبدال المعلمين والموظفين.

أصبح لكل دار تحفيظ ولي أو مشرف يتبع الحوثي مباشرة، ويراقب ما يدرس، ويحاسب من يخالف.

رابعا: استغلال الأطفال في الحروب

بالرغم من قدسية تحفيظ القرآن، يجند الحوثي الأطفال الذين حفظوا بعض السور والأجزاء، في حروب طائفية لا أخلاقية، تحت ذريعة الدفاع عن الدين أو الولاية.

وهكذا يتحول النور إلى سلاح، والكتاب العزيز إلى أداة للتجهيل والتكفير.

خامسا: تحريف المفاهيم القرآنية

تم التركيز على آيات وجمل منقوصة أو خارج سياقها، تفهم بطريقة طائفية تضيق الأخلاق، وتزيد العداوة بين الناس، بينما تهمش آيات الرحمة والتسامح والتوحيد.

والحاصل: دور تحفيظ القرآن كانت خير مدرسة لقلوب اليمن، لكنها اليوم أصبحت جسرا يعبر الحوثي عليه ليزرع الفتنة، ويغرس الظلم، ويشحن النفوس بالحقد.

فهل يعقل أن يتحول كتاب الله إلى أداة للحرب؟

الله لا يرضى أن يستخدم نوره لتعميم الظلام؟

اللهم احفظ بلادنا من شر الفتن، ووفقنا للثبات على الحق.

والله من وراء القصد.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام