لله ثم للتاريخ، هذا ما أحدثه الحوثيون في اليمن(23)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
الحلقة الثالثة والعشرون: الحوثي والمجهود الحربي - امتصاص لدماء الفقراء ونهب باسم الجهاد
منذ سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، ابتكروا مصطلح (المجهود الحربي)، وجعلوه فريضة جديدة فوق فريضة الزكاة والضرائب!
ولبيان ما يتعلق بذلك، إليكم أبرز المحاور الآتية:
أولا: المجهود الحربي، من يدفعه ومن يستفيد منه؟
المجهود الحربي لا يفرض على أصحاب الثروات فقط، بل حتى على: بائع الخضار، ويخصم من راتب معلم المدرسة وقت اعتماد بعض الرواتب، ويخصم من موظف الدولة، ورب الأسرة المعدم عند الاستئجار، حتى صار كثير من الناس يدفعونه مكرهين تحت التهديد أو بالإكراه المباشر.
أما المستفيد؟
فأسر القيادات الحوثية، وقادة الجبهات، وتجار السلاح، وسماسرة الدم، الذين كونوا ثروات هائلة باسم الجهاد الكاذب!
ثانيا: الجهاد صار سوقا.
في مناطق الحوثي، لا يبنى جدار إلا ويطلب له مجهود حربي.
ولا تفتح مدرسة إلا ويفرض عليها مجهود حربي.
ولا تمر مناسبة (مولد، عاشوراء، صرخة...) إلا ويجمع فيها أموال المجهود الحربي!
بل صارت الجبهات موردا اقتصاديا يستخدم فيها: مال الزكاة، وعائدات الوقود، وتبرعات التجار بالإكراه، حتى المساعدات الإغاثية!
ثالثا: مأساة المعلمين.
في الوقت الذي تنهب فيه المليارات للمجهود الحربي: يبقى المعلم بلا راتب!
والطبيب بلا معدات!
والمستشفيات خاوية!
والجامعات متعثرة!
فأين ذهبت تلك المليارات؟
وما هي نتيجة المجهود الحربي منذ أكثر من عشر سنوات؟
دمار في الداخل، وعداوات مع الجيران، وقطع علاقات مع المجتمع الخارجي.
رابعا: احتيال على الدين باسم الدين.
زكاة الفطر تحول إلى جبهات القتال.
والخطبة تسخر لجمع التبرعات.
والمدرس في بعض المناطق يجبر على إرسال الطلاب إلى الجبهات.
والجهاد يختزل في قتال أبناء اليمن فقط!
أما فلسطين، فتبقى شعارا للاستهلاك المحلي لا غير!
خامسا: الحقيقة الغائبة.
المجهود الحربي الحقيقي في تاريخ الأمم هو حماية المواطن من الجوع لا تجويعه.
هو بناء البلد لا تفجيره.
هو صرف المال على تنمية الإنسان لا تحشيده للموت.
ولكن كما قال المواطن اليمني المكلوم: (والله ما رأينا من هذا المجهود إلا المآتم والدموع، وبيوتا بلا عائل، ومدارس بلا معلمين، وأطفالا بلا أحلام).
والله من وراء القصد.