لله ثم للتاريخ، هذا ما أحدثه الحوثيون في اليمن (16)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
الحلقة السادسة عشرة: الحوثي وزراعة الألغام
منذ أن عرف اليمن - أرض الحضارة والأنهار والجبال -، لم يكن يتخيل أن تتحول سهوله ووديانه إلى حقول موت صامتة، تترصد خطوات النساء والأطفال قبل الرجال.
كانت أرض اليمن تاريخيا مهدا للخير، زاخرة بالبركة، فإذا بها اليوم تتحول إلى أكبر حقل ألغام في العالم.
إنه الوجه القاتم للحروب، حين تغرس الألغام في التراب بدلا من بذور القمح والذرة والشعير، وتزرع العبوات الناسفة بدلا من أشجار البن، فينقلب الوطن من حديقة حياة إلى مقبرة جماعية.
وما جريمة الحوثي في اليمن إلا شاهد حي على إرهاب منظم رعته إيران، فمدت له يد الموت بدلا من يد العون، وأرسلت له حقولا من المتفجرات بدل دواء الجائع والمريض.
وسأوضح ذلك من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: هدية إيران الدموية لليمن.
لم ترسل إيران إلى اليمن حبة دواء ولا كيس قمح، بل أغرقت البلاد بعشرات آلاف الألغام والعبوات الناسفة.
وقد أشارت التقارير إلى أن مشروع مسام السعودي وحده نزع أكثر من ستمائة ألف لغم وعبوة ناسفة زرعها الحوثيون في الأرض اليمنية.
إنه رقم مرعب، يكشف حجم المؤامرة على الشعب اليمني، ويؤكد أن طهران لم تحمل لليمنيين سوى الموت والتدمير.
المحور الثاني: ضحايا الألغام، النساء والأطفال أولا.
لقد تجاوز عدد ضحايا الألغام في اليمن أكثر من عشرين ألف ضحية كما في تقارير المنظمات الحقوقية، معظمهم من المدنيين الأبرياء، نساء وأطفالا وشيوخا.
وما زالت مئات الآلاف من الألغام مطمورة تحت الأرض دون خرائط أو بيانات، لتظل تهدد حياة اليمنيين عقودا طويلة قادمة.
فبينما تنتهي المعارك فوق الأرض، تظل الألغام تواصل حربها الدامية في صمت تحت الأرض.
المحور الثالث: أرقام مفزعة ومناطق ملوثة.
تشير التقارير إلى أن الحوثيين خلال أكثر من عشر سنوات زرعوا ما يقارب المليون ونصف المليون لغم وعبوة ناسفة في مناطق متفرقة، وعلى وجه الخصوص في سواحل الحديدة، والقرى المحيطة بجبهات القتال في تعز ومأرب والضالع والجوف.
إنها جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ لا يميز اللغم بين مقاتل ومدني، بل يقتل عابر السبيل والطفل الذي يلعب بجوار منزله.
المحور الرابع: إيران شحنات موت متواصلة.
لم تكتف إيران بإرسال الألغام فقط، بل دعمت الحوثيين بالصواريخ والذخائر والطائرات المسيرة، لتتحول اليمن إلى ساحة اختبار لأسلحتها، وساحة نزيف لدماء الأبرياء.
لقد صدرت إيران إلى اليمن الموت بدل الحياة، والخراب بدل الإعمار، والسلاح بدل السلام.
والحاصل: أن جريمة زراعة الألغام واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها الحوثي بحق اليمنيين، وهي وصمة عار في جبين من دعمها ورعاها.
ومهما طال الزمن، فإن هذه الألغام لن تحصد إلا مزيدا من الكراهية تجاه من زرعها، وستبقى شاهدا على مشروع إرهابي إيراني حوّل أرض اليمن من ساحة حضارة إلى حقل موت.