الأربعاء 7 جمادى الأولى 1447 هـ || الموافق 29 أكتوبر 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مقالات متنوعة    ||    عدد المشاهدات: 248

لله دركم يا أهل الحديث
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


لله دركم يا أهل الحديث، يا من تمسكتم بكتاب الله وسنة رسوله وحفظتم الوحيين، يا من عمرتم أعماركم بسنة نبيكم، وغرستم في صدوركم من نور سنته ما يضيء لكم ظلمة الطريق، يا من حملتم ميراث محمد صلى الله عليه وسلم، فحفظتموه بالليل والنهار، وذببتم عنه بمداد أعماركم، وسهر عيونكم، ووجيب قلوبكم.
لله دركم، ما بين مسندٍ ومنقطع، وجرح وتعديل، وسند ومتن، ورحلةٍ في طلب العلم، تنامون على الحديث، وتصحو قلوبكم على شوق إليه.

تحفظون الألفاظ، وتخافون الخطأ، وتفرّقون بين: عن وأن، وتحفظون للرواة منازلهم، وتغارون على حديث نبيكم غيرة المحب الصادق.

لله دركم يا من تيقّنتم أن الخير كل الخير في اتباعه، وأن النجاة كل النجاة في اتباع سنّته.

فقلتم كما قال مالك: كل يؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر.

فجعلتم الحديث ميزانكم، والسنة دليلكم، والعقيدة نبض قلوبكم.

أي قلوب هذه التي لا تهنأ حتى يثبت الحديث؟

وأي صدور هذه التي لا تقرّ حتى تتأكد من الراوي؟

وأي نفوس هذه التي تؤثر الحق ولو خالف الهوى والميل؟

يا أهل الحديث، يا من صدقتم الحب باتباع، لا بأقوال مزخرفة، يا من علمتم الناس أن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تكون بالإنشاد، بل بالاتباع، لا بالمديح، بل بالتسليم، لا بالدموع، بل بالاقتداء.

لله دركم، يوم ضاعت الأهواء، وتاهت الطرق، وبقيتم على نور السنة، فسلِمت لكم العقيدة، واستقامت الفِطرة، وثبّت الله أقدامكم على صراطه المستقيم.

أنتم الغرباء في زمان تبدّلت فيه الموازين، وتزيّن فيه الباطل بلباس الحق، زمانٌ أصبح فيه التعلق بالسنة جرمًا عند أقوام، والتمسك بالأثر تخلّفًا عند مرضى القلوب، لكنكم صبرتم، وثبتم، فرفعكم الله، وأبقى لكم الذكر، وأورثكم محبة الخلق، وأحيا بكم السنن، وأمات بكم البدع.

فيا من بذلتم أعماركم في خدمة الحديث، وصيانته، ونشره، يا من تعلّقتم بأثره في صلاتكم، وسلمكم، وقيامكم، وجلوسكم.

أنتم أحياء القلوب في زمن الغفلة، أنتم الغرباء الذين طوبى لهم، أنتم من حفظ الله بهم دينه،

فلكم الدعاء من الأعماق، ولكم المحبة في القلوب، ولكم التقدير ما دامت الأرض والسماء.

لله دركم يا أهل الحديث، فلقد شرفكم الله بما لا يُشرّف به إلا الأصفياء، وكتب لكم المحبة في قلوب الموحدين. أسأل الله أن يسقينا وإياكم من حوض نبينا يوم العطش الأكبر.

حرر بتاريخ 9 محرم 1447 هجرية

 




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام