ما حكم مجالسة من يكفر الحكام المسلمين؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س 406: انتشر عندنا ما يسمى بجماعة التكفير، وهم يكفرون جميع الحكومات على وجه الأرض، فهل تجوز لنا مجالستهم؟
ج 406: ينبغي لكم نصيحتهم وإقامة الحجة عليهم إن كنتم طلبة علم، أما إذا قلت بضاعتكم أو خشيتم على أنفسكم فيلزمكم الابتعاد عنهم خشية أن يضروكم بهذا الداء فإن داء البدعة يضر الأصحاء وأنتم لا تملكون قلوبكم.
وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك"(1).
وقد ذكر أبو نعيم رحمه الله طائفة من أقوال السلف في ذلك منها:
قال أبو قلابة - رضي الله عنه - وكان واحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجالسوا أصحاب الأهواء أو قال أصحاب الخصومات فاني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.
ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟
فقال: لا.
قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله.
قال: لا لتقوما عني أو لأقوم عنكما.
قال: فقام الرجلان فخرجا.
فقال بعض القوم: يا أبا بكر وما عليك أن يُقرأَ عليك آية من كتاب الله تعالى؟
فقال له ابن سيرين: إني خشيت أن يُقرأَ علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي.
وقال محمد: لو أعلم أني أكون مبتلى الساعة لتركتها.
وقال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمة، فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة.
وقال ابن طاوس لابن له يكلمه رجل من أهل البدع: يا بني أدخل إصبعيك في أذنيك لا تسمع ما يقول، ثم قال: اشدد.
وقال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل.
وكان الحسن رحمه الله يقول: شر داء خالط قلبًا يعني الأهواء.
وقال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا.
فانظروا حفظكم الله كيف خشي علماؤنا رحمهم الله على قلوبهم وهم أئمة فما بالكم بنا نسأل الله الثبات؛ وبالله التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــ
([1]) أخرجه مسلم في صحيحه [كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (4/2045 رقم 2654)] من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص.