لله ثم للتاريخ، هذا ما أحدثه الحوثيون في اليمن (17)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
الحلقة السابعة عشرة: الحوثي وملازمه الثقافية - معركة شرسة ضد العقيدة الصحيحة
الثقافة ليست مجرد كلمات أو كتب تقرأ، بل هي الروح التي تعكس هوية الأمة وعمق تاريخها، وهي الدرع الذي يحميها من الانحراف والتشويه، والسلاح الذي تواجه به تحديات الزمن وتحافظ به على عقيدتها وقيمها الأصيلة.
ومن خلالها يصاغ الوعي، ويرسم المستقبل، وتبقى الأمة قوية بحفظها لهويتها وثباتها على مبادئها.
لكن للأسف، في اليمن بعد سيطرة الحوثي، تحولت الثقافة إلى ساحة صراع مفتوح، حيث تشن معركة شرسة تستهدف العقيدة الصحيحة، وأهل السنة، وتكتم كل صوت ينشد الحق ويطالب بالعدل، لتصبح المعرفة أداة للفتنة لا للارتقاء والفهم.
وسيتضح ذلك من خلال المحاور التالية:
أولا: إنشاء مؤسسات ثقافية تابعة للجماعة
أسس الحوثي مؤسسات ودوائر ثقافية تابعة له مباشرة، تتلقى أوامرها من قيادة الجماعة، وهدفها السيطرة على الإنتاج الفكري والثقافي في البلاد.
هذه المؤسسات تعمل على مراقبة كل ما ينشر ويذاع من كتب ومقالات وبرامج، ومنع أو تحريف أي عمل يخالف فكر الجماعة، ونشر ثقافة الولاء المطلق للجماعة وزعيمها.
ثانيا: قمع العلماء والدعاة والمصلحين والمثقفين والمفكرين المستقلين
كل من يرفض الهيمنة الحوثية، أو يدافع عن العقيدة الصحيحة، أو ينتقد الجماعة، يقمع إعلاميا، أو يعتقل، أو يجبر على التوقف.
الأصوات الحرة اختفت أو أُخمدت، وتحولت الساحة الثقافية إلى فضاء مغلق يخضع للتوجيه والسيطرة المطلقة.
ثالثا: تسويق أفكار منحرفة
تروج هذه الملازم الثقافية التي كتبها الهالك حسين بدر الدين الحوثي لأفكار تحريفية في العقيدة والتاريخ، ونظريات مؤامرة ضد أهل السنة، وتعلي من شأن الجماعة على حساب الجميع.
وهي تنشر أكاذيب الفتنة، وتسوّق لفكر ولاية الفقيه، وتحاول تسليع الدين لصالح مشروع سياسي ضيق، بعيد عن الحقيقة والوسطية.
رابعا: محاربة التراث الإسلامي الأصيل
يسعى الحوثيون إلى طمس وإلغاء التراث الإسلامي الأصيل في اليمن، وخصوصا تراث أهل السنة، وتقليل قيمة علماء اليمن التاريخيين.
كما يعاد إنتاج تاريخ مشوه يضع الحوثي في مركز الصلاح والإصلاح، ويغض الطرف عن جرائمه وانقلابه، ليصبح الواقع مزيّفا وخطرا على الأمة.
خامسا: الهيمنة على المناهج والبرامج التعليمية
تفرض الجماعة تغييرات في المناهج الدراسية والثقافية، لتتوافق مع فكرها، وتحرف المفاهيم الدينية، وتحجب المفاهيم الوسطية الصحيحة، فتغدو الأجيال القادمة رهينة لتلقين الفكر الحوثي المنحرف.
والحاصل: أن المعركة الثقافية ليست أقل خطورة من المعركة العسكرية، فهي حرب على العقول والقلوب، على الهوية والدين، وعلى مستقبل الأمة.
وإذا سقطت الثقافة في يد المضللين، فسوف تسقط الأمة كلها.
لذلك، لا بد من يقظة مستمرة وجهد دؤوب للحفاظ على عقيدتنا، وهويتنا، وواقعنا.
والله من وراء القصد.