السبت 17 شعبان 1446 هـ || الموافق 15 فبراير 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 5711

حكم الشخص يساعده آخر على تأليف كتاب وينسبه له وحكم الوساوس وعلاجها
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني


س 632: السلام عليكم شيخنا: إني أحبك في الله، عندي مشكلة أحب عرضها عليك وهي كالتالي: ضميري يؤنبني كثيرًا - ومع كثرة التأنيب صار الشك ينتابني حتى في الأمور اليسيرة، والآن سيطرت علي فكرة أرهقتني فرجعت بسببها للوراء في رسالة تخرجي من الجامعة، وبدأت أفكر وأقول: إن رسالة الجامعة التي تخرجت بها فيها كذا وكذا، وبدأَتْ فيها أخطاء وكنت أعلمها، وفيها كذب -أي أمور تقريبية- وأخطاء وكنت أعلمها.. وأجدني أحدث نفسي بهذا ثم أقول: ما دام أني كنت أعلمها فإن الشهادة التي أخذتها فيها شبهة، وما دامت فيها شبهة فإن العمل بها وأجر العمل بهذه الشهادة [ربما] هو حرام..، وفي بعض الأحيان أرد على نفسي فأقول: بأن الرسالة قد ناقشتُها أمام اللجنة علنًا، وربما لا حظوا أخطائي، وما دام أني ناقشتها مع اللجنة فلا شك أنها تعلم الصواب والخطأ، وهكذا يا شيخ حتى أصبحتُ لا أتحمس لمسابقات التوظيف وخاصة وأنا متخرج، وإلى الآن ليست عندي وظيفة، وفي كل مرة أتذكر هذه الفكرة فتتبدل حالي.

 والله يا شيخ إني في كل مرة أدعو الله أن يرزقني عملًا صالحًا، ولكن عندما أفكر في هذا الشيء أُصبحُ غير متحمس لمسابقات التوظيف المعتادة عندنا، وأنت تعلم أن الخريج من الجامعة ليس عنده إلا الشهادة التي بين يديه للعمل بها.

كما أريد أن أقول لك -شيخنا الكريم- بأن الرسالة أتعبتني كثيرا حال إنجازها والكتابة فيها، وأنا أَعلمُ أنني كنت في بعض الأحيان أخطئ وكنت أعلم بالخطأ، كما أنك تعلم بأن رسالة الجامعة تُطرحُ علنا وتتم مناقشتها مع اللجنة، وفي أغلب الأحيان تكون اللجنة مقصرة في عملها، ومن قبل كنت - بحمد لله - في خير رغم أنني مرت علي شكوك ووساوس وما زالت بعض الشكوك إلى الآن وإن نقصت.. وعلى حسب ما أذكر يا شيخ - إن لم تخني ذاكرتي هذه الفكرة أي الشهادة - جاءتني أول مرة في صلاتي، ومع بداية تمسكي بصلاتي جيدًا؛ لأنني كنت من قبل أضيعها في بعض الأحيان، والآن والحمد لله فأنا منضبط عليها، حتى وإن كانت بعض الشكوك تحاول أن تعكر توبتي. أرجو من فضيلة الشيخ أن يخبرني: ما الحل؟، وإن كانت الرسالة الجامعية لم أعدها بمفردي ولكن شاركني غيري فيها، ظانّا بأنه ما دام أن الأطروحة حصلت عليها بغير جهدي الكامل، فإن الشهادة جاءت لي بغش وكل ما يأتي بهذه الشهادة فهو حرام.. أفدني فضيلةَ الشيخ فأنا غارق، وأنت تعلم من ليس له عمل.

ج 632: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأحبك الله الذي أحببتني لأجله. والجواب عليك من جهتين:

الأولى: لا يحل لشخص أن يؤلف رسالة جامعية أو كتاباً يساعده على جزء من تأليفه شخص آخر ثم ينسبه لنفسه دون إشراك غيره؛ لأن مثل ذلك من الكذب والغش الذي لا يحل، أما إذا ساعده في جمع أبواب مسألة ما أو جمع له بعض الأقوال فقام المؤلف بقراءتها والاستفادة منها خلال بحثه فلا بأس في ذلك؛ لأن هذا ليس جهد غيره، وإن كنا نرى كراهية مثل هذا، وأنت يا أخي السائل قد أخطأت أنك جعلت شخصاً يشارك في تأليف رسالتك الجامعية ثم نسبت جهد الرسالة كلها لك، فوقعت في الغش والكذب، ويلزمك في هذه الحال التوبة والاستغفار وعدم نشر هذه الرسالة باسمك بعد التخرج.

لكنه لا يمنع من الاستفادة من هذه الشهادة والعمل بها بعد التوبة والاستغفار وخصوصاً أن جهدك في الرسالة كبير ولم تعتمد كليا على غيرك، وإنما في بعض المواضع منها، وأيضاً أن اللجنة قامت بمناقشتك واختبارك فيها وإجازتك لنيل الدرجة.

ومما يؤسف له: أن هناك بعض المكاتب والمراكز والمعاهد - كما أخبرني أكثر من شخص - تقوم بتأليف الرسائل الجامعية لطلاب الجامعات، ولا شك أن هذا المال الذي يكسبونه مال حرام لا يحل الاستفادة منه، كما لا يحل للطالب أن يستعين بمثل هذه المكاتب في تأليف رسالته الجامعية، ولا يجوز لولاة الأمر أن تسمح لهذه المكاتب والمراكز بمثل هذه الأمور القائمة على الغش والكذب والتزوير وصناعة الشخصيات الوهمية في مجتمعاتنا المتحضرة. 

الجهة الثانية: عليك أن تدفع الوساوس التي كثرت لديك بالاستغفار والاكثار من التعوذ بالله من الشيطان، ومن عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعليك ألا تكثر من التفكير في ذلك، وكلما حصل شيء من ذلك دفعته بتناسي هذه الوساوس، وبكثرة الذكر، وفقك الله لكل خير ونفع الله بك، وبالله التوفيق.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام