دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (2)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
تعريفات أولية
هناك بعض المفردات المهمة التي يجب على طالب الحديث أن يعرفها لكونها تتردد عليه كثيراً عند الخوض في غمار هذا الفن، ويمكن ذكرها على سبيل الإيجاز فأقول، وبالله التوفيق :
الحديث لغة: بمعنى الجديد ، ويرد بمعنى الكلام ومنه قوله –تعالى- :"ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً"([1]).
واصطلاحاً: ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ خُلُقية أو خلْقية.
مثال القول:
قوله -عليه الصلاة والسلام- :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "([2]).
ومثال الفعل:
صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- المنقولة إلينا بواسطة صحابته الكرام -رضي الله عنهم- ، ومن ذلك حديث أبي حميد الساعدي قال: "كنت أحفظكم لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه .."([3]).
مثال التقرير:
إقراره -عليه الصلاة والسلام- للصحابة بأكل لحم الخيل([4]) والحمار الوحشي([5]) والضب([6]) من غير إنكارٍ عليهم.
مثال صفاته الخُلقية:
ما جاء في حسن خلقه وأدبه -عليه الصلاة والسلام- ، ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك قال: " خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين والله ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لي لشيء لِمَ فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟"([7]).
مثال صفاته الخَلْقية:
ما كان مجبولاً عليه من حيث الخِلْقة أو الهيئة، ومن ذلك ما رواه البراء -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً مربوعاً، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه"([8]).
والأثر لغة: البقية.
واصطلاحاً: ما أضيف إلى الصحابي أو دونه من أهل القرون المفضلة سواء كان قولاً أو فعلاً ، تقريراً أو صفة خلقية أو خلْقية.
وقيل: مرادف للخبر ، فيطلق على المرفوع والموقوف ، وفقهاء خراسان يسمون الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر.
وسيأتي تعريف الخبر إن شاء الله.
والسنة لغة: الطريقة.
واصطلاحاً: تطلق في الأكثر على ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ، فهي مرادفة للحديث ، وقال بعضهم: تعم الحديث والأثر.
وقد تطلق على ما عليه الكتاب والسنة معاً، أو ما استقر عليه عمل الصحابة، وتارة على ما يقابل البدعة، وعند بعض الفقهاء : على ما ليس بواجب، والمشهور عند المحدثين الأول.
والخبر لغة: النبأ.
واصطلاحاً: يطلق على المرفوع وغيره فيشمل ما أضيف إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، وما أضيف إلى غيره كالصحابة والتابعين ، وعليه يسمى كل حديثٍ خبراً، ولا يسمى كل خبرٍ حديثاً.
وخص بعضهم الحديث بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ، والخبر بما جاء عن غيره فيكون الحديث مبايناً للخبر.
وقال آخرون: هو مرادف للحديث.
والأول أصح ما قيل فيه.
والمتن لغة: مأخوذ من المتانة بمعنى الصلابة.
واصطلاحاً: ما ينتهي إليه السند من القول أو الفعل أو التقرير أو الصفة خَلْقية أو خُلُقية.
وسمي بذلك لكون الراوي يقويه بذكر السند.
والسند لغة: مأخوذ من الاستناد بمعنى الاعتماد.
واصطلاحاً: ما اشتمل على رواة الحديث.
وسمي بذلك: لأن الناقل يستند إليه في ذكر المتن.
وهو قسمان: عالٍ ونازل.
فالعالي: ما قلَّ رجال إسناده، فإن قلُّوا إلى رسول الله –عليه الصلاة والسلام- فيسمى بالعلو المطلق، وإن قلُّوا إلى إمام كبير القدر كالإمام أحمد وغيره من الحفاظ فيسمى بالعلو النسبي.
وأما السند النازل: فهو ما كثر رجال إسناده .
وليس مذموماً، ولكن كلما قلَّ رجال السند كان قليل النقد، وهذا غالباً.
فإذا وُجِدَ سند نازل صحيح الإسناد، وآخر عالٍ دونه في الصحة قُدِّم النازل على العالي لأن الاعتبار الصحة ليس غير.
وبذا فالسند غير الإسناد لأن معنى الإسناد : رفع الحديث إلى قائله.
وهو ثلاثة أقسام:
الأول: المرفوع ، ويسمى بالحديث المُسنَد وهو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء كان قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة خُلُقية أو خلْقية.
وسمي بذلك لارتفاع شأنه ونسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- .
الثاني: الموقوف: وهو قول الصحابي أو فعله أو تقريره أو صفته.
الثالث: المقطوع: وهو قول التابعي أو فعله أو تقريره أو صفته.
والصحابي هو: مَنْ لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخللته ردته.
والتابعي: من لقي الصحابي رضي الله عنه مؤمناً ومات على ذلك.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
_______________
([1]): سورة النساء ، الآية رقم (87).
([2]): أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب الإيمان ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (1/ 13 رقم 10) واللفظ له ، ومسلم في صحيحه ( كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (1/ 65 رقم 41 ) .
([3]): أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب صفة الصلاة ، باب سنة الجلوس في التشهد وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل وكانت فقيهه (1/ 284 رقم 794 ) من رواية محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً.
([4]): عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل" متفق عليه.
([5]): عن أبي قتادة" : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجاً فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال ( خذوا ساحل البحر حتى نلتقي ) ، فأخذوا ساحل البحر ، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أُتَاناً ، فنزلوا فأكلوا من لحمها " متفق عليه.
([6]): عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطاً وسمناً وأضباً فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الضب تقذراً ، قال ابن عباس : فأُكِل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان حراماً ما أُكِل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم" متفق عليه.
([7]): متفق عليه.
([8]): متفق عليه.